للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعمد إلى وليٍّ من أولياء الله فتقول له: يا لصّ! فأخذ صاحبُ المقثأة بيدي وذهب بي إلى منزله، فما أبقى من الكرامة شيئًا إلَّا عمله معي، واستحلَّني، وجعل مِقثأتَه لله ولأصحاب معروف، قال: فقلت له: صِفْ لي معروفًا، فوصفك لي، فعرفتك بما كنتُ قد شاهدته من صفتك، قال معروف: فما استتمَّ كلامه حتى دقَّ صاحبُ المقثأة البابَ ودخل علي، وكان موسِرًا، فأخرج جميعَ ما كان له من المال فأنفقه على الفقراء، وصحب الشابَّ سنة، ثم خرجا إلى الحجّ، فماتا بالرَّبَذة].

ذكر وفاته:

[حكى أبو نُعيمِ (١) عنه أنه] قال: إذا مُتُّ فتصدَّقوا بقميصي هذا، لأخرجَ من الدنيا عُريانًا كما دخلت إليها عُريانًا.

[واختلفوا في سنة وفاتِه على أقوال: أحدُها: مات سنةَ مئتين. حكاه الخطيبُ.

والثاني: سنةَ إحدى ومئتين. حكاه الخطيب أيضًا، وابن خميسٍ في "مناقب الأبرار".

والثالث: سنةَ أربعٍ ومئتين. حكاه الخطيب (٢)، ثم قال الخطيب: وسنة مئتين أصحّ. قال: ومات هو وأبو نُواس في يومٍ واحد] وصلَّى عليه ثلاثُ مئةِ ألف إنسان، فاطَّلع عليه راهبٌ من الدَّير الذي دُفن إلى جانبه [ويقال لها: مَقبرة الدَّير] فرأى كثرةَ الخلق، فقال: يا ويحَ هؤلاء، لو أنَّ أحدهم فعل ما فعله لكان مثلَه.

[وحدَّثنا غيرُ واحدٍ عن يحيى بن عليٍّ المدير بإسناده إلى] أبي بكر الخيَّاط قال (٣): رأيت كأنِّي دخلت المقابر، فإذا أهلُ القبور جلوسٌ على قبورهم بين أيديهم الرَّيحان، وإذا معروفٌ قائم بينهم يذهب ويجيء، فقلت: يا أبا محفوظ، أو ليس قد مُتَّ! قال: بلى، قلت: فما صنع بك ربُّك؟ قال: [من البسيط]

موت التَّقيِّ حياةٌ لا نَفادَ لها … قد مات قومٌ وهم في الناس أحياءُ

[وقد رواه الخطيب (٤)].


(١) في الحلية ٨/ ٣٦٢. وما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في تاريخه ١٥/ ٢٧٤، وانظر مناقب الأبرار ١/ ١٢٠، والكلام مختصر في (خ)، وقد أثبت ما في (ب).
(٣) في (خ): وقال أبو بكر الخياط.
(٤) في تاريخه ١٥/ ٢٧٢ مختصرًا.