للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤخذ بالرسائل! قال: فتهيَّبه الوالي أن يكلِّمَه، فقلت: رحمك الله، إني رجل مطَّلبي، ومن حالي ومن قصَّتي، فنظر إليَّ ساعةً -وكانتا له فراسة- وقال: ما اسمُك؟ قلت: محمد، فقال: يا محمد، اتَّقِ اللهَ تعالى واجتنب المعاصي؛ فإنَّه سيكون لك شأنٌ من الشأن.

فقرأت عليه "الموطَّأَ" في أيامٍ يسيرة، وأقمت عنده بالمدينة حتى توفِّي، ثم خرجت إلى اليمن.

وروى ابنُ عساكرٍ (١) عنه أنَّه قال: كنت ألتقط العظامَ من مكةَ والأكتافَ فأكتب فيها، ولم يكن لأمِّي ما تعطي المعلِّم، وكان قد رضي مني أن أخلفَه في الصِّبيان وأقومَ عليهم.

[وحكى المُزَنيُّ عن] الشافعيِّ قال (٢): رأيتُ أميرَ المؤمنين عليًّا في المنام، فسلَّم عليَّ وصافحني، وخلع خاتَمَه فجعله في إصبعي، فعبرها عمي وقال: أما مصافحتُه إياك فأمانٌ من العذاب، وأما جعلُ خاتمِه في إصبعك، فسيبلغ اسمُك ما بلغ اسمُه في المشرق والمغرب.

ذكر صفته:

اتَّفقوا على أنَّه كان نحيفًا خفيفَ العارضَين يخضب بالحنَّاء.

ذِكر طرفٍ من أخباره [وذِكرُ عبادته وفقهِه وفهمه:

حكى الربيعُ أنه] (٣) كان يختم القرآنَ في كل ليلة ويختم في رمضانَ ستِّين ختمة، وكان حسنَ الصوت، كلُّ مَن يسمعه يقرأ يبكي، وكان ينام ثلثَ الليل، ويصلِّي ثلث الليل، ويكتب العلمَ ثلث الليل، وصار بعد ذلك يحيى الليلَ كلَّه إلى أن مات، وكان يصوم الدهر، ولا يصلِّي التراويحَ في المسجد مع الناس ويصلِّي في بيته، وكان كثيرَ العبادة.

[وذكر أبو بكر بنُ بدران المعروفُ بخالويه في كتاب "فضائل الشافعي" عن] الربيع


(١) في تاريخه ٦٠/ ٤٠٠.
(٢) في (خ): وقال الشافعي .
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).