للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ الشافعيَّ كان (١) عند مالكٍ وعنده سفيانُ بن عُيينة والزَّنجي، فأقبل رجلان، فقال أحدهما: أنا رجلٌ أبيع القَمَاري، وقد بعتُ هذا قُمْريًّا (٢) وحلفت له بالطلاق أنَّه لا يهدأ من الصِّياح، فلمَّا كان بعد ساعة، أتاني وقال: قد سكت فرُدَّ عليَّ دراهمي، وقد حنثت، فقال مالك: بانت منك امرأتُك، فمرَّا بالشافعي رحمةُ الله عليه فشرحا له القصَّة، فقال للبائع: أردتَ لا يهدأ أبدًا أو أنَّ كلامه أكثرُ من سكوته؟ فقال: بل أردتُ أن كلامَه أكثرُ من سكوته، لأنِّي أعلم أنَّه يأكل ويشرب وينام، فقال الشافعي: رُدَّ عليك امرأتكَ فإنَّها حلال، وبلغ مالكًا، فقال للشافعي: من أين لك هذا؟! قال: من حديث فاطمةَ بنتِ قيس؛ فإنها قالت: يا رسولَ الله، إنَّ معاويةَ وأبا جهمٍ خطباني، فقال لها: "إنَّ معاويةَ رجل صُعلوك، وإنَّ أبا جهمٍ لا يضع عصاه عن عاتقه" (٣) وقد كان أبوجهم ينام ويستريح، وإنَّما خرج كلامهُ على الغالب، فعجب مالك، وقال الزَّنجي: أَفتِ، فقد آن لك أن تُفتي، فأفتى وهو ابنُ خمسَ عشرةَ سنة.

[وقال أبو عبدِ الرحمن:] (٤) قال الشافعيُّ رحمةُ الله عليه بمكَّة: سلوني عمَّا شئتم أُخبركم من كتاب اللهِ وسنَّة رسوله، فقال له رجل: ما تقول في مُحرِم قتل زُنْبورًا؟ فقال: قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: ٧]، وحدَّثنا سفيان بن عُيينةَ، عن عبد الملك بن عُمير، عن رِبعي، عن حذيفةَ قال: قال رسولُ الله : "اِقتدوا باللَّذَين من بعدي: أبي بكرٍ وعمر" (٥)، وحدثنا سفيانُ عن مسعر بن كِدام، عن قيس بنِ مسلم، عن طارق (٦) بنِ شهاب، عن عمرَ أنَّه أمر المُحرمَ بقتل الزُّنبور.

[وروى الخطيب عن المُزَني، عن] الشافعيِّ قال (٧): خرجتُ إلى اليمن


(١) في (خ): وقال الربيع: كان الشافعي. . .، وانظر المنتظم ١٠/ ١٣٦.
(٢) ضرب من الحمام، جمعه: قَماري وقُمر. القاموس المحيط (قمر)
(٣) أخرجه مسلم (١٤٨٠).
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).
(٥) أخرجه الترمذي (٣٦٦٢) من طريق الحسن بن الصباح البزار، عن سفيان بن عيينة، به.
(٦) في (خ): روق، وكذا في المنتظم ١٠/ ١٣٧، والتصويب من سنن البيهقي ٥/ ٢١٢، وتاريخ دمشق ٦٠/ ٣٨٩.
(٧) في (خ): وقال الشافعي .