للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرأةَ هربت واختبأت منه، وهرب الجواري، وأنَّ المأمون لما طلع الفجرُ أحضر الحسنَ بن سهل وتزوَّجها منه (١).

والحكاية مذكورةٌ على حالها في "العِقد" وقد نزَّهت كتابي عن مثل هذه الخرافات، التي ما تُسمع إلَّا من العُميان في الطُّرقات، والله أعلم].

وفيها فتح عبد الله بن طاهرٍ مصر، لمَّا فرغ من أمر نصر بن شَبَث كتب إليه المأمونُ بالمسير إليها، وكان قد تغلَّب عليها عبيدُ الله بن السَّري بنِ الحكم، فلمَّا قرب منها، خندق ابنُ السريِّ عليه، وبعث ابنُ طاهر قائدًا من قوَّاده يرتاد له منزلًا، فالتقى بابن السريِّ فهزمه، وتساقط عامَّةُ أصحابِه في الخندق، وأقام ابنُ السري في الفُسطاط محصورًا.

وبعث إلى ابن طاهرٍ بألف وصيفٍ ووصيفة، مع كلِّ وصيفٍ ألفُ دينارٍ في كيس حرير، وبعث بهم ليلًا، فردَّ ابنُ طاهر ذلك عليه، وكتب إليه: لو قبلتُ هديَّتك نهارًا قبلتها ليلًا ﴿بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦) ارْجِعْ إِلَيهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا﴾ الآية [النمل: ٣٦ - ٣٧] فحينئذٍ طلب ابنُ السري الأمانَ منه، فأمَّنه. وكتب إلى المأمون فأمضى أمانَه.

وكتب المأمونُ إلى ابن طاهرٍ أبياتًا لمَّا فتح مصر: [من الهزج]

أخي أنتَ ومولايَ … ومَن أَشكر نُعماهُ

فما أحببتَ من شيءٍ … فإنِّي الدَّهرَ أهواه

وما تكره من شيءٍ … فإنِّي لست أرضاه

لك اللهُ على ذاكَ … لك اللهُ لك اللهُ (٢)

ذِكرُ واقعةٍ جرت:

قال أبو السَّمراء: خرجنا مع عبدِ الله بن طاهرٍ متوجِّهين إلى مصر، حتَّى إذا كنا بين الرَّملة ودمشق، إذا بأعرابيٍّ قد اعترض على بعيرٍ أَورَق، وكان شيخًا، فسلّم علينا،


(١) وهي بوران بنت الحسن بن سهل.
(٢) تاريخ الطبري ٨/ ٦١٥، سنة إحدى عشرة ومئتين، والأبيات أوردها أَيضًا أبو حيان التوحيدي في الصداقة والصديق ص ١٢٦.