للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسن (١)، وقد رأيتَ ما ظهر من نجابتهم، واصطنعتُ الأفشين، وقد رأيت ما صار إليه من أمره، وأشناس وإيتاخ ووصيفًا، ولم أجد فيهم نجابةً، فقلت: نظر أخوك إلى الأصول، فأنجبت فروعها، واستعملتَ أنت فروعًا لا أصولَ لها، فلم تنجب.

فقال: يا إسحاق، لَمُقاساةُ ما مرَّ بي في هذه المدَّة أهونُ عليَّ من سماعي لهذا الجواب (٢).

وقال أحمد بن أبي دؤاد: قال لي المعتصم ونحن بعَمُّورية: يا أبا عبد الله، أتحبُّ البُسْر؟ قلت: وأنَّى به وهو في العراق؟! فقال لإيتاخ: هات تلك الكِبَاسة، فأحضرها، فمدَّ المعتصمُ يده، وجعل الكِبَاسَة على ذراعه، وقال: كل، قلت: ضعها على الأرض، فقال: لا والله، ما تأكلُ إلا وهي على يدي، فما زلت آكل وذراعه ممدودةٌ حتى ما بقي في العرقِ شيء.

قال: وأتينا واديًا قد مد (٣)، وأنا على جملٍ، وهو على بغل، فقال: قف حتى أدخل قبلَك، فدخل، وقال: اتبعْ أثري، وجعلَ يقولُ بيده: تعال كذا، تعال كذا، حتى قطعنَا الوادي.

وقال أحمد بن أبي دؤاد: تصدَّق المعتصمُ على يدي بألف ألف درهم وأكثر (٤).

وقال إسحاق بن إبراهيم: لما تغيَّر المعتصم على الحسن بن سهل، أقطعَ ضياعَه أشناس التركي، وعلمَ الحسن، فبعث بكتبها إلى أشناس وكتب إليه: لما عَرَفتُ رأيَ أمير المؤمنين فيك، أحببتُ أن لا يتعرَّض عقبي لعقبك، فأرسلتُ إليك قِبالات الضياع معتدًّا في ذلك سبوغ النعمة عليّ، وادخارَ الشكر عندي، ومتقرِّبًا إلى أمير المؤمنين بذلك، ورأيُك في الامتنان بقبولها أعلى.

فلما قرأ أشناس رقعتَه بعثَ بها إلى المعتصم، فلما وقف عليها قال: ضِيمَ فصبر،


(١) في تاريخ الطبري: إسحاق بن إبراهيم وأخوه محمد بن إبراهيم بدل الفضل بن سهل وأخيه الحسن.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ١٢١ - ١٢٢.
(٣) كذا في (خ) و (ف)، وفي تاريخ الطبري ٩/ ١٢١، وتاريخ بغداد ٤/ ٥٥١، والمنتظم ١١/ ٢٨: وادٍ لم نعرف غور مائه.
(٤) تاريخ الطبري ٩/ ١٢٣.