للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرنا فما كنَّا لننسى فنذكر … ولكن نسيمُ القربِ يبدو فيزهرُ

فأفنى به عنه وأبقى له به … إذ الحقُّ عنه مخبرٌ ومعبِّرُ (١)

وقال (٢) محمد بن أحمد النيسابوري: احذر أن تنقطع عنه فتكونَ مخدوعًا، قلت: فكيف ذاك؟ قال: لأنَّ المخدوع من ينظرُ إلى عطاياه، أفينقطع عن النظر إليه بالنظر إلى عطاياه] (٣)، ثم قال: تعلَّق الناسُ بالأسباب، وتعلَّقَ الصديقون بترك (٤) الأسباب، ومن علامة تعلُّقهم بالعطايا طلبُهم منه العطايا، ومن علامة تعلُّق قلوب الصديقين بوليِّ (٥) العطايا انصبابُ العطَايا عليهم، وشغلُهم به عنها، ثم قال: ليكن اعتمادُك على الله في الحال، لا على الحال [مع الله] (٦)، واعقل من هذا صفوةَ التوحيد.

وقال ذو النون: من ذكر الله على حقيقةٍ نسيَ في جنبه كلَّ شيء، حتى حفظ الله عليه كلَّ شيء، وكان له عوضًا من كلّ شيء (٧).

وقال: أكثرُ الناسِ إشارةً إلى الله في الظاهر أبعدُهم عنه (٨).

وكان [ذو النون] يقول: إلهي إن كان صَغُرَ في جنبِ طاعتِك عملي، فقد كَبُرَ في جنبِ رجائِك أملي (٩).

وسُئِل عن الآفة التي يُخدَع بها المريد عن الله تعالى، فقال: رؤيةُ الكرامات، قيل: فبم يُخدَع قبل وصوله إلى هذه الدرجة؟ قال: بوطء الأعقاب وتعظيم الناس له.


(١) مناقب الأبرار ١/ ١٠٧.
(٢) من هنا إلى قوله: أبعدهم عنه. ليس في (ب).
(٣) ما بين حاصرتين من حلية الأولياء ٩/ ٣٥١، وصفة الصفوة ٤/ ٣١٨.
(٤) في الحلية وصفة الصفوة: بوليّ.
(٥) في (خ) و (ف): تغير! والمثبت من الحلية وصفة الصفوة.
(٦) ما بين حاصرتين من صفة الصفوة وحلية الأولياء.
(٧) نص العبارة -كما في صفة الصفوة ٤/ ٣١٨: من ذكر الله على حقيقة نسي في جنبه كل شيء، ومن نسي في جنب الله كل شيء حفظ الله ﷿ عليه كل شيء، وكان له عوضًا من كل شيء. وأخرجها البيهقي في شعب الإيمان (٧٠٧).
(٨) حلية الأولياء ٩/ ٣٥٣، وشعب الإيمان (٦٩١٧).
(٩) حلية الأولياء ٩/ ٣٨٥، وصفة الصفوة ٤/ ٣١٨.