للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الخطيبُ أنّه حُمِل إلى البخاريَّ بضاعةٌ، أنفذَها إليه فلانٌ، فاجتمعَ إليه التجَّارُ بالعشيَّة، وطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم، فقال لهم: انصرفُوا الليلةَ، فجاءَ من الغد تجَّارٌ آخرون، وطلبوها بربح عشرة آلاف درهم، فقال: إنِّي نويتُ البارحةَ أنِّي أدفعُها إلى أولئك، وما أحب أن أغيِّرَ نيَّتي، فدفعها إلى الأُوَل (١).

وكان البخاري يقول: أرجو أنْ ألقَى الله ولا يحاسبَني أنَّني اغتبتُ مسلمًا (٢).

وكان يختم القرآنَ كلَّ ثلاثِ ليالٍ، ويقول: في عند كل ختمةِ دعوةٌ مستجابة (٣).

وقال: جمعتُ الصحيحَ في ستة عشر سنة، وجعلتُه [حُجَّةَ فيما] (٤) بيني وبين الله تعالى.

وقال الخطيب: كان البخاريُّ يصلِّي، فدخلَ زُنْبُورٌ بين ثيابه وجسده، فلسعَه في سبعة عشر موضعًا، ولم يقطع صلاته (٥).

وقال الفضلُ بن إسماعيل الجُرْجَاني: [من المتقارب]

صحيحُ البخاري لو أنصفوه … لمَا خُطَّ إلَّا بماءِ الذهبْ

أسانيدُ مثلُ نجومِ السماء … أمامَ متونٍ كمثلِ الشُّهُبْ

فيا عالمًا أجمعَ العالمون … على فضل رُتْبتِه في الرُّتَبْ

نَفَيْتَ السقيمَ من النَّاقلين … ومن كان متَّهمًا بالكذِبْ

وأثبَتَّ من عدَّلتهُ الرواة … وصحَّتْ روايتُه في الكُتُبْ

وأبرزتَ من حسن ترتيبِه … وتبويبه عجبًا للعجبْ (٦)

ذكر قدومه نيسابور ومحنته ووفاته:

ورد البخاريُّ نيسابور، فقال يحيى بن محمد الذُّهْلِيّ: اذهبُوا إلى هذا الرجل


(١) تاريخ بغداد ٢/ ٣٣٠.
(٢) تاريخ بغداد ٢/ ٣٣٢.
(٣) تاريخ دمشق ٦١/ ٧٩.
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٢/ ٣٣٣.
(٥) تاريح بغداد ٢/ ٣٣١.
(٦) تاريح دمشق ٦١/ ٧٤.