وفي رواية: وكان هذا الرَّجل قد لقي الخبيثَ صاحبَ الزَّنْج، فقال له: ورائي مئة ألف سيف، فوافِقْني على مذهبي حتَّى أصير إليك بمن معي، وتناظرا فاختلفا ولم يقع بينهما اتِّفاق، فافترقا من غير شيء أو هذا أحد الأقوال في تسمية قُرمط].
والثاني:[أنَّ] أوَّل مَن أظهر لهم هذا المذهبَ رجل يقال له: محمد الورَّاق، يُعرف بالمُقرمِط، من أهل الكوفة، شرَّع لهم شرائع، ورتب لهم ترتيبًا، قال: خالف به الإسلام.
والثالث: أنَّ بعض دُعاتهم اكترى دوابَّ [أو بقرًا] من رجل يُقال له: قُرمط بن الأشعث، ودعاه إلى مذهبه [فأجابه]، وصار [قرمط] داعيةً في مذهبهم. والقول الأوَّل أصحُّ.
فأمَّا الباطنيَّة: فادَّعَوا أنَّ لظواهر الآيات والأخبار بواطنُ تجري مجرى اللُّبِّ من القشر، وادَّعوا ذلك لقوله ﵇:"لكلِّ آية بطن وظهر"(١) وكذا قوله تعالى: ﴿فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ﴾ [الحديد: ١٣] يعني بين علمائهم والجهَّال، وإنَّ من وقف على علم الباطن سقطت عنه التَّكاليف، واستراح من أعبائها.
وأما الخُرَّمية: فخُرَّم اسمٌ أعجميٌّ معناه: الشيء المُستَلَذّ، وهم أهلُ الإباحة من المجوس الَّذين نبغوا في أيَّام قُباذ، فأباحوا المحظورات، فلُقِّب هؤلاء بهم.
[وقد ذكرناهم في صدر الكتاب].
وأمَّا البابَكية: فهم أصحاب بابَك الخُرَّمي، ولهم ليلة في السَّنة يجتمعون فيها، يختلط النِّساء بالرِّجال، ويتناهبون النساء، فمن وقعت في يده امرأة استحلَّها.
وأمَّا المحمِّرة: فهم قوم يلبسون الثِّياب الحُمر، لهم مذهب يُعرفون به.
وأمَّا السَّبعية: فزعموا أنَّ الكواكب السَّبعة تدبِّر العالم السُّفلي.
(١) أخرجه البزار في مسنده "البحر الزخار" (٢٠٨١)، وأبو يعلى في مسنده (٥١٤٩) من حديث عبد الله بن مسعود ﵁.