المسجد]، فجاءتْ فوقفت بين يديه، فحلَبها لبنًا، فملأ القَعْب وشرب، ثمَّ مسح يده عليها وكلَّمها بالفارسية، فخرجت إلى البريَّة، وعاد إلى صلاته، [قال ابن جَهْضَم: وكان يفطر في شهر رمضان على الماء القراح].
[وحكى في "المناقب" عن] بعض أصحابه قال: دخلت على سهل (١) يوم الجمعة وقت الصَّلاة، فرأيتُ في البيت حيَّةً، فجعلت أُقدِّم رِجلًا وأؤخِّر أخرى، فقال لي: ادخل، لا يَبلغ العبدُ حقيقةَ الإيمان وعلى وجه الأرض شيءٌ يخافه، ثمَّ قال: هل لك في صلاة الجمعة؟ فقلت: بيننا وبين المسجد مسيرةُ يوم وليلة، فقام وأخذ بيدي، فما كان بأسرع أن رأيت المسجد، فصلَّينا الجمعة وخرجنا، فوقف ينظر إلى النَّاس وهم خارجون، فقال: أهل لا إله إلا الله كثير، والمخلصون منهم قليل.
ووقع بين يديه حمام في المسجد، فقال: إنَّ شاه بن شُجاع الكرمانيّ قد مات في هذه السَّاعة، فأرَّخوا الوقت، فكان كما قال.
وظهر بيعقوب بن الليث الصَّفَّار مرضٌ أعيى الأطباء، فقيل له: لو دعا لك سَهل لعوفيت، فاستحضره وقال: ادعُ الله لي، فقال: ما يَنفَعك دعائي وفي الحبس مظلومون يدعون عليك؟ فأخرج جميعَ مَن كان في حبسه، فقال سهل:[اللهم كما أريتَه] ذُل المعصية، فأرِهِ عزَّ الطَّاعة، فعُوفي من ساعته، وأخرج مالًا عظيمًا وقال لسهل: فرِّقه في الفقراء، فلم يقبل منه، فخرج من عنده، فقيل له: لو قبلتَه ودفعتَه إلى الفقراء، فنظر في الصَّحراء، وأشار إلى الحصى، فصار كلُّه جواهر، فقال لأصحابه: مَن يُعطى مثل هذا لا يحتاج إلى مال يعقوب بن اللَّيث.
[وحكى عنه في "المناقب" أيضًا أنَّه] قال: أوَّل ما رأيتُ من العجائب والكرامات أنِّي خرجتُ يومًا إلى موضعٍ خالٍ، وطاب لي المقام فيه، وحضر وقتُ الصَّلاة، ولم يكن عندي ماء، فاغتَمَمْتُ لفَقْد الماء، فبينا أنا كذلك إذا بدُبٍّ يمشي على رجليه ومعه جرَّةٌ خضراء، فدنا منِّي وسلَّم عليَّ، ووضع الجرَّة بين يديّ، فجاءني اعتراضُ العلم، وقلت: هذا الماء لا أدري من أين هو؟ فنطق الدُّبُّ وقال: يا سهل، نحن قومٌ قد
(١) في (خ): قال بعض أصحاب سهل دخلت عليه.، والمثبت من (ف) و (م ١).