للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انقطعنا إلى الله تعالى على عَزْم التوكل والمحبَّة، فبينما نحن نتكلَّم مع أصحابنا في مسألةٍ إذ نُودينا: ألا إنَّ سهلًا يريد أن يُجدِّد الوضوء، ووضعت الجرَّة بين أيدينا.

قال سهل: وإلى جانبها مَلَكان يَصُبَّان فيها الماء من الهواء وأنا أسمع، فغُشي عليَّ، ثمَّ أفقتُ، وإذا الجرَّة موضوعة، ولا علمَ لي بالدبِّ أين ذهب، وأنا متحسِّرٌ حيث لم أكلِّمْه، فتوضَّأْتُ من الجرَّة، وأردتُ أن أشرب منها فنوديت: ياسهل، ما آن لك أن تشربَ من هذا الماء بعدُ، قال: وبقيت الجرَّةُ تضطرب وأنا أنظر إليها، فلا أدري أين ذهبت.

و [ذكر في "المناقب" أيضًا أنَّه] كان لسهل بتُسْتَر بيت تضيف فيه السّباع، قال أبو نصر السَّرَّاج: دخلنا تُستَر فرأينا في قصر سهل بيتًا يسمُّونه بيت السِّباع، فسألنا عنه فقالوا: كانت السِّباعُ تزور سَهلًا، فيُدخِلَهم هذا البيت، ويطعمهم اللَّحم، قال أبو نصر: ورأيتُ أهل تُستر مُجتمعين على هذا، وهم الجمُّ الغَفير، والعَددُ الكثير، لا يُتصوَّر تواطؤهم على الكذب.

[قال السرَّاج: وحكى لنا] أبو سعيد صاحب سهل قال: دخل سَبُع إلى دار سهل ففزعنا كلُّنا، فقام سهل فأدخله البيت، وأمرني أن أشتريَ له لحمًا ثلاثة أيام، فلمَّا كان في اليوم الرابع جاءه سهل فوقف على الباب وقال: يا مُبارك، الضيافة ثلاثة أيام (١)، فخرج السَّبُع إلى البريّة يُهَرْول.

وقال رجل من أصحابه له: ربَّما أتوضأ للصلاة، فيَسيلُ الماء بين يديَّ قضبان الذَّهب والفضَّة، فقال له سهل: أما علمتَ أن الصِّبيان إذا بكَوا يُعطَون خَشخاشة يشتغلون بها.

وقال له بعض أصحابه: أريد (٢) الخروج إلى البيت المقدس، وأحبُّ أن يكون لي هناك مَن آنَسُ به، فدلَّني على رجلٍ يكون كذلك، فقال له سهل: اذهب إلى هناك فإنَّك تلقى فلانًا، ووصف له صفتَه ومكانه من المسجد، قال الرجل: فأتيتُه فعرفتُه


(١) في (ف): الضيافة ثلاث.
(٢) في (ف): وحكى أيضًا عن بعض أصحابه أنَّه قال له أريد.