للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سلمان الفارسي: اختار طاعة الله على غيرها فآتاه الحكمة وخزن عنه النبوَّة.

وقال الحسن البصري: كان خياطًا وليس بلقمان صاحب النسور ابن عاد، بينهما زمان طويل.

وروى الثعلبي عن ابن عمر عن النبي ولم يسنده قال: حقًّا أقولُ لم يكنْ لقمانُ نبيًّا، ولكن كان عبدًا صَمصَامًا (١) كَثيرَ التفكُّرِ، حَسَنَ اليَقِينِ، أحبَّ الله فأحبَّه، فمنَّ الله عليه بالحكمة. كان نائمًا نصف النهار إذ جاءه نداء: يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت وقال: إن خيَّرني ربي قبلتُ العافية ولم أقبل البلاء، فإن عزم عليَّ فسمعًا وطاعة، فإني أعلمُ إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني، فقالت الملائكة - بصوت لا يراهم -: لِمَ يا لقمان؟ قال: لأن الحاكِمَ بأشد المنازل وأدركها وأكدرها، يغشاه الظُّلمُ من كل مكان، فإن يعدل فبالحريِّ أن ينجوَ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلًا خيرٌ من أن يكون شريفًا، ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا تصيبه الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فأعطي الحكمة، فانتبه يتكلم بها، ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان فهوى في الخطيئة غير مرة، كلُّ ذلك يعفو الله عنه. وكان لقمان يؤازره بحكمته. وقال له داود: طوبى لك يا لقمان، أُعطيتَ الحكمة وصُرِفَت عنك البلوى، وأُعطي داود الخلافة وابتلي بالبلية والفتنة (٢).

وقال الثعلبي بإسناده إلى خالد الربعي قال: كان لقمان نجارًا (٣).

وروى الأوزاعي عن عبد الرحمن بن حرملة قال: جاء أسود إلى ابن المسيَّب يسأله فقال له سعيد: لا تحزنْ من أجل أنك أسود، فإنه كان من خيار الناس ثلاثةٌ من السودان، بلال ومهجع مولى عمر بن الخطاب ولقمان الحكيم (٤)


(١) في "عرائس المجالس" ص ٣٥١: عصمه الله تعالى والصَّمْصام: المُصمِّمُ. اللسان: (صمم).
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٥١. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخه" ١٧/ ٨٥.
(٣) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٥٢.
(٤) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٥١، وتفسير الثعلبي ٧/ ٣١٢ فما بعدها.