للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تُطيق صُحبتي لأنِّي أجوع، قال: إن جعتَ جعتُ معك، فبقينا أربعة أيام لم يُفتَح علينا بشيء، ثمَّ فتح علينا فقلت له: هَلُمَّ فكُلْ، فقال: قد عَقدتُ مع الله عقدًا أن لا أتناول بواسطة، فقلت: يَا غلام، دققت، فقال: يَا أَبا إسحاق، لا تَتَبَهْرَج، فإنَّ النَّاقد بصير، ما لك والتوكُّل، إنَّ أدنى أحواله أن تَرِدَ عليك مواردُ الفاقات، فلا تسمو نفسُك إلَّا إلى مَن له الكفايات، وفارقني.

[ذكر قصَّته مع الشيطان:

حكى السُّلميُّ عن إبراهيم] قال: كنتُ بالبادية فنمتُ على حجر، وإذا بشيطان قد رَفَسَني برجله وهي مثل الحربة (١)، فقال: أَنْتَ وليّ الله فمن أَنْتَ؟ قلت: إبراهيم الخوَّاص، قال: صدقت، ما ضرَّتْك رجلي وقد يَبِست، ثمَّ قال: معي حلال وحرام؛ أمَّا الحلال فرُمَّان الجبل المباح، وأمَّا الحرام فمَرَرْتُ على صيَّادَين يصيدان السمك، فتخاونا، فاخذتُ التي تخاونا فيها، فكُلْ أَنْتَ الحلال ودع الحرام لي.

[ذكر قصَّته في صيد السمك:

حكى عنه في "المناقب" أنَّه] قال: طلبتُ الحلال، فخرجتُ إلى دجلة ومعي شَبكة، فجلستُ أصيد السَّمك، فوقعت في الشبكة سمكةٌ، فأخذتها، ثمَّ أخرى وأخرى، فهتف بي هاتف: لم تجد مَعاشًا إلَّا أن تأتي إلى مَن يذكرنا فتقتله؟! [قال:] فرميتُ الشَّبكة، وتبتُ إلى الله تعالى من الصَّيد (٢).

[ذكر قصَّته مع الجن والشابِّ:

حكى ابن خَميس في "المناقب" عن إبراهيم، قال: حججتُ مرَّة مع أصحابي، فعارَضَني عارضٌ من سرِّي: خذ في غير الجادَّة، ففعلتُ، ومشيتُ ثلاثة أيام بلياليها في بَرّيَّة خضراء، فيها من كل الرَّياحين والثّمار، وفي وسطها بُحيرةٌ ماؤها أطيبُ ماء وأعذبُه، فوقفتُ مفكِّرًا في حُسنها، وإذا بنَفَرٍ قد حفُّوا بي، وعليهم المُرَقَّعاتُ الحِسان، فسلَّموا عليَّ، وسيماهم سيما الآدميين، ووقع لي أنَّهم من الجنّ، فقلت: مَن أنتم؟ فقالوا: نحن من الجنّ الذين سمعوا من محمَّد القرآنَ ليلة الجنّ، فسَلَبَتْنَا نَغمةُ


(١) في (خ): الخرقة، والمثبت من (ف).
(٢) مناقب الأبرار ١/ ٤٧١.