للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: رأيتُه يتكلَّم يومًا في المحنَّة، فاصطفقت (١) قناديلُ المسجد، وكسر بعضُها بعضًا.

قال: وسمعتُه يقول: إذا بسطَ الجليلُ غدًا بساط المجد، دخلت ذنوبُ الأوَّلين والآخرين تحت حاشيةٍ من حواشيه، فإذا شاء الجوادُ ألحقَ المسيءَ بالمحسن (٢).

[وحكى عنه أيضًا في "المناقب" أنه أنشد يومًا] (٣): [من مخلع البسيط]

وليس لي في سواك حظُّ … فكيفَ ما شئتَ فاختبرنِي

[فأخذه الأسرُ من ساعته، أي: حصر بوله، فكان يدورُ على المكاتب، ويفرِّق الجوزَ على الصبيان، ويقول: ادعوا لعمِّكم الكذَّاب.

وحكى في "المناقب" أن سمنون لما حُبِسَ بوله] كان (٤) يتجلَّد ويقول:

وليس لي في سواك حظٌّ

البيت.

و [كان] يصبرُ ولا يجزع، فسمعَ يومًا جماعةً من أصحابه يتحدَّثون ويقولون: سمعنا أستاذنا سمنون يسألُ الله ويتضرَّع إليه، وقال واحدٌ: وأنا سمعتُه، وقال آخر: وأنا سمعته، ولم يكن دعا بشيء، فعَلِم [أنَّ] المرادَ منه إنَّما هو إظهارُ الجزع والافتقار إلى الله تعالى تادُّبًا بالعبودية (٥) وسترًا للحال، فكان يدورُ على المكاتب، ويفرِّقُ الجوزَ على الصبيان، ويقول: ادْعُوا لعمِّكم الكذاب (٦).

وقال: عليّ بن محمد الصُّوفيّ: كان سَمنون يشطحُ ويقول: [من الكامل]

ضاعِفْ عليَّ بجَهْدِكَ البلوى … وابلُغْ بجهدي غايةَ الشّكوى

واجهدْ وبالغ في مُهاجرتي … واجهرْ بما في السِّرِّ والنَّجْوَى

فإذا بلغتَ الجَهْدَ فيَّ ولم … تترك لنفسِك غايةَ القُصْوَى


(١) في (ف) و (م ١): فاصتكت.
(٢) انظر طبقات الصوفية ص ١٩٦، وحلية الأولياء ١٠/ ٣١١.
(٣) ما بين حاصرتين من (ف) و (م ١). وفي (خ): وأنشد سمنون يومًا.
(٤) في (خ): فحصر بوله من ساعته، فكان ....
(٥) في (خ) و (ف) و (م ١): باديًا للعبودية. والمثبت من مناقب الأبرار ١/ ٣٨٨، وطبقات الأولياء ص ١٦٧.
(٦) من قوله: ويفرق الجوز ..... إلى هنا جاء مكانه في (ف) و (م ١): وذكره.