للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحاس ثم يَملأَها حجارة، ثم يكتب عليها ما على خاتمه من [ذِكْرِ] التوحيد، ثم يلقيها في الماء فيكون أساس البناء عليها ففعل فثبت، فبنى المسجد بناء لا يوسف وزّيَنه بالذهب والفضة والدر والياقوت وألوان الجواهر في سمائه وأرضه وأبوابه وجدره (١).

وروى جدي أيضًا عن عبد الله بن عمرو بن العاص في تفسير قوله: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ [الحديد: ١٣] قال: هو سور بيت المقدس الشَّرقي (٢).

هذه صورة ما ذكره جَدي من عِمَارة بيت المَقْدس وبداية أمره.

قلت: وقد روى أبو ذرٍّ عن رسول الله أنه قال: "بَينَه وبَينَ الكَعبةِ أربَعونَ سَنةً" (٣)، وقد ذكرناه، ودَثَر فجدّده الضحاك وعمل فيه العجائب، فلما خرج موسى من مصر وقصد الجبّارين أخربوه قبل أن ينزل بهم يُوشَع بن نون، ثم شرع في بنائه داود وتَمَّمَهُ سليمان.

وقد رويت هذه الألفاظ مرفوعةً وهي قوله لدَاوُد: إنَك غمست يدك في الدم وبنيت لك بيتًا قبل أن تبني لي بيتًا.

فقال جدي في "الموضوعات": أنبأنا أبو منصور بن خَيْرُون، عن الجوهري، عن الدارقطني، عن أبي حاتم البُستي، عن قتيبة، عن محمد بن أيوب بإسناده عن رافع بن عُمير (٤) قال: سمعت رسول الله يقول: "قالَ الله لداود: ابنِ لي بيتًا في الأرض، فبنى داود لنفسه بيتًا قبل المبيت الذي أمره الله به، فأوحى الله إليه: يا داود بنيتَ بيتك قبل بيتي، فقال: يا رب هكذا قلت فيما قضيت مَنْ مَلَك استأثر، ثم أخذ في بناء المسجد فسقط، فشكا إلى الله تعالى فقال الله: لن تصلح أن تبني في بيتًا. قال: ولم؟ قال: لِمَا جري على يديك من الدماء قال: يا رب أوَلم يكن ذاك في هواك ومحبتك، قال: بلي ولكنهم عبادي وإمائي أرحمهم، فشق ذلك على داود، فأوحى الله إليه: لا


(١) "فضائل القدس" ص ٧٩، والحير: الحظيرة أو البستان، أو المكان المنبسط المطمئن المرتفع الجوانب.
(٢) "فضائل القدس" ص ٨٠، ومن هنا إلى: فيما كان بالبيت المقدس من العجائب، ليس في (ب).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٦٦)، ومسلم (٥٢٠).
(٤) في (ط): عن نافع عن ابن عمر، والمثبت من الموضوعات (٤١٠).