للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زُوِّرَ عليه، فجاء الرسول والخاقانيّ قائمٌ يصلِّي، فوضع التوقيعات بين يدي أبي القاسم بن الخاقاني، وأدَّى إليه الرسالةَ، فأخذ يميِّزُ الصحيحَ منها من المزوَّر، فلمَّا فرغَ أبوه من الصلاة أخذَها وتصفحها، ثم خلطها، وردَّه إلى الرسول، وقال له: سلّم على الوزير وقل له: هذه التوقيعاتُ كلُّها صحيحة، وأنا أمرتُ بها، فما رأيتَ أن تمضيَه أمضيتَه، وما رأيت أن تبطلَه أبطلته، ولَمَّا انصرفَ الرسول قال الخاقاني لابنه: يا بنيّ، أردت أن تُبَغِّضنا إلى الناس، ويكون الوزير قد التقطَ الشوكَ بأيدينا، نحنُ قد صُرِفنا، فلم لا نتحتبُ إلى الناس بإمضاء ما زوَّروه، فإن أمضاه كان لنا الحمدُ والضررُ عليه، وإن أبطلَه كان الحمد لنا والذم له (١).

[وقال ثابت:] وفيها وصلت هدايا صاحب عُمَان إلى المقتدر، و [كان] فيها ببغاء بيضاء وغزلان (٢) ونمور وزيادات.

وركب المقتدرُ في شعبان من داره إلى الشماسيّة، ثم عاد في دِجْلة، وهي أولُ ركبة ظهرَ فيها للعامة.

[قال ثابت بن سنان:] وفي يوم الاثنين لستٍّ خلونَ من ربيع [الأول أو] (٣) الآخر أدخل الحسين بن منصور الحلَّاج مشهورًا على جمل إلى بغداد، وكان قد قُبِضَ عليه بالسُّوس، وحُمل إلى عليِّ بن أحمد الرَّاسبي، فحمل إلى الحضرة، فصُلِبَ وهو حيّ وصاحبُه -وهو خال ولدِه- في مجلسِ الشرطة من الجانب الشرقيِّ من بغداد، ثم صُلِبَ وهو حيٌّ في الجانب الغربي وعليه جبة عَوْديَّة، ونودي عليه: هذا أحدُ دعاة القرامطة فاعرفوه، وحُبِسَ وحده في دار السلطان (٤).

[قال ثابت:] وظهر عنه با لأهواز وبمدينة السلام أنَّه ادَّعى أنَّه إلهٌ، وأنَّه يقولُ بحلول اللاهوت (٥) في الأشراف من الناس، وأنَّ له مكاتبات تُشعِر بذلك، وأنَّه يُظهِر العجائب.


(١) من قوله: قال ثابت: فحدثني بعد عزله … إلى هنا ليس في (ف) و (م ١).
(٢) في (ف) و (م ١): وغراب أسود. وفي المنتظم ١٣/ ١٤١: وغزال أسود.
(٣) ما سلف بين حاصرتين من (ف) و (م ١).
(٤) قوله: وحبس وحده في دار السلطان، ليس في (ف) و (م ١)، وما بين حاصرتين منهما.
(٥) في (خ): بحلول المذهب للاهوت. والمثبت من (ف) و (م ١).