للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية: وحصلَ في يد عبد الرحمن خليفة [علي بن أحمد] الراسبي رقاعٌ وُجِدت في منزل الحلَّاج فيها رموز، فأحضرَه عليّ بن عيسى وناظرَه، فلم يجد عنده شيئًا من القرآن، ولا من الفقه، ولا من الحديث، ولا من العربية، فقال له عليّ: أنت تعلُّمك الوضوء والفرائض أولى من رسائل لا تدري ما فيها، ثمَّ تدعي -ويلك- الإلهيَّة، وتكتب إلى تلامذتك: من النور الشعشعانيّ! ما أحوجَك إلى الأدب، وأقام محبوسًا، فاستمال بعضَ أهل دار السلطان بإظهار السنة (١)، فصاروا يتبركون به، ويسألونه الدعاء. وسنذكرُ أخبارَه فيما بعد إنْ شاءَ الله تعالى.

وفيها أُطلِقَ الخاقانيُّ، وأُزيلَ عنه التوكيل (٢).

وفي شعبان خُلع على أبي العباس ابن المقتدر، وقُلِّدَ أعمال الحربِ بمصر والمغرب، وعمرُه أربعُ سنين، واستخلِفَ له مؤنس الخادم، وكتب المقتدر إلى مؤنس كتابًا يخبرُه بذلك منه:

أمَّا بعد، أحسن الله حياطَتك، وأدامَ لأمير المؤمنين الإمتاعَ بك، إنَّ أولى مَن اقتفى سُبلَ أمير المؤمنين، وتَمَّم نهجَهُ واطئًا عقبَه، وسار بسيرته مقتفيًا أثرَهُ، واحتذَى مثاله من كان نجلَ أمير المؤمنين وسليله، وفرعَ دوحته وثمرة نَبْعَته، ومن إلى فخر أبويه يَنمي، وعن قوسِ مجده يَرْمي، وعلى شاكلته يجري، وبيده يَريشُ ويَبْري، ومن سِنْخُ النبوة منشؤه، وفي بيتِ الخلافة مبوَّؤه، وعلى ذِرْوة الشَّرَف مَنْصبُه، وفي بُحْبوحة السَّناء منقلبُه.

وذكر ابنَ المقتدر، وقال: وقد رأى أميرُ المؤمنين -لِمَا بيَّنتُه فيكَ من أماراتِ الكفايات والغَناء، وتوسَّمه لديكَ من جميل الجزالة والبلاء- تقليدَك مصر، والإسكندرَّية، وبَرْقة، وإفريقية، وصِقِلِّية، وأَقْرِيطِش، وذكر بلادَ المغرب وما والاها، ودُنْباوند وقَزْوين وزِنْجان وأبهر وغيرها، وكتب له كتابًا (٣).

وفي شعبان أُنفِذَ محمد بن ثَوابة إلى الكوفة، وسُلِّم إلى إسحاق بن عمران، فكان معتقلًا في داره حتَّى مات (٤).


(١) في (ف) و (م ١): من أهل السنة. وانظر المنتظم ١٣/ ١٤٤.
(٢) في (ف) و (م ١): التوكل.
(٣) في الكامل ٨/ ٧٦ أن الذي ولي الرَّيَّ ودنباوند وقزوين وزنجان وأبهر هو علي بن المقتدر.
(٤) من قوله: وكتب المقتدر إلى مؤنس كتابًا يخبره … إلى هنا ليس في (ف) و (م ١).