للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحبس، فكتب حامد إلى المقتدر: قد أفتى الفقهاء والقضاة بقتله، وشاع أمرُه ومَخْرَقَتُه وسحره، وادعاؤه الربوبية، وإن لم يفعل أمير المؤمنين ما أفتى به القاضي والفقهاء افتُتن الناس، وتجرّأ أقوام على الله والرسل.

وبالغ حامد في نُصرة ما دبّره خوفًا أن ينعكس عليه أمره، فأذن له المقتدر في قتله، فأحضر حامد بن العباس محمد بنَ عبد الصمد صاحب الشرطة، وأمره أن يضربه ألف سَوْط، فإن مات وإلا قطع يديه ورجليه، فأخرجه يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذي القعدة، وقيل: لست بقين منه، مقيَّدًا إلى باب الطَّاق وهو يَتَبَخْتر في قَيده ويقول: [من الهزج]

حبيبي غير مَنسوبٍ … إلى شيءٍ من الحَيْفِ

سقاني مثل ما يَشْر … بُ فِعْل الضَّيف بالضَّيفِ

فلما دارتِ الكأسُ … دعا بالنِّطْعِ والسَّيفِ

كذا مَن يشربُ الرَّاحَ … مع التنِّينِ في الصَّيفِ (١)

[وقال أبو يوسف القَزويني: قد ظنّ قوم أن هذه الأبيات للحلاج، وإنما هي لأبي نُواس، كان يُنادم الأمين محمد بن زُبَيدة، فنادمه ليلة -وكان محمد من أحسن الناس- فغلب عليه الشراب، فقال له: يا أبا نواس، ما تقول، أتشتهيني نفسك؟ فقال: أوَ تُعفيني؟ فقال: لا بدّ، فقال: من الذي يَراك ولا يَشتهيك؟! فغضب الأمين وأمر بقتله، وقال: قل فيما نحن فيه شيئًا، فعمل هذه الأبيات، فضحك الأمين وعفا عنه.] (٢)

وقال ثابت بن سنان [في "تاريخه"]: انتهى إلى حامد بن العباس في أيام وزارته أمرُ الحلاج، وأنه قدَّموه على جماعة من الخَدَم والحَشَم وأصحاب المقتدر، وعلى خدم نصر الحاجب، وحَمد بن محمد (٣) الكاتب، وأن حمد كان يشرب بوله ويقول: إنه مَرض فشربه فعُوفي (٤)، وكان مَحبوسًا بدار الخلافة، فسأل حامد المقتدر أن يسلمه


(١) المنتظم ١٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٢) ما بين معكوفين من (ف) و (م ١).
(٣) في (خ): نصر الحاجب بأنه يحيي الموتي وأن الجن يخدمونه ويحضرون إليه ما يريد وأن أحمد بن محمد. والمثبت من (ف) و (م ١).
(٤) في (ف) و (م ١) زيادة: فجرد حامد بن العباس منه.