إليه فأجابه إلى ذلك، وسُعي إلى حامد برجل يعرف بالسّمري أنه من أصحاب الحلاج وبجماعة، فقبض عليهم حامد وناظرهم، فاعترفوا أن الحلاج إله، وأنه يُحيي الموتى، وأوقفوا الحلاج وكاشفوه، فأنكر وقال: أعوذ بالله من ذلك، واستحضر حامد القاضي أبا عمر، والقاضي أبا جعفر بن البهلول، وجماعة من الشهود، واستفتاهم فيه فقالوا: لا يحلُّ لنا أن نُفتي فيه بشيء حتى يُقرّ، أو تقوم عليه البَيّنة [، فأقام على ذلك حتى وجدت له كتب من جنس ما ذكرنا].
وكانت ابنة السمري صاحا الحلاج قد أقامت عنده في دار السلطان مدة، وكانت عاقلة حَسنةَ العبارة، فدعاها حامد فسألها عن بعض أمره فقالت: قال لي يومًا: قد زوَّجتُك من سليمان ابني، وهو مقيم بنيسابور، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، فإن جرى منه ما تكرهينه فصومي يومَك، واصْعَدي آخر النهار إلى السَّطح، وقومي على الرَّماد، وأفطري عليه وعلى الملح الجَريش، واذكري لي ما أنكرتيه من زوجك؛ فإني أسمع وأرى.
قالت: وكنت نائمة ليلة وهو قريب مني وابنته عندي، فما حسستُ به إلا وقد غَشيني، فانتبهتُ فَزِعةً فقلت: ما لك؟ فقال: إنما جئتُ لأوقظك للصلاة.
قالت: وقالت لي ابنته يومًا: اسجدي له، فقلت: أو يسجد أحدٌ لغير الله -وهو يسمع كلامنا- فقال: نعم، إله في السماء وإله في الأرض.
وذكر [العجائب والغرائب، وذكر] حديث تسليمه إلى صاحب الشرطة [وهو محمد بن عبد الصمد] وأن حامدًا قال له: اضربه ألفَ سَوط، فإن مات فحُزَّ رأسَه، وأحرق جثَّته، وإن لم يَتلَفْ بالضرب فاقطع يده ثم رجله، ثم يده ثم رجله، وأحرق جسدَه، وانصِبْ رأسَه على الجسر، ففعل به محمد ذلك، وبعث برأسه إلى خُراسان فطيف به، وأقبلت أصحابه يَعدُّون أربعين يومًا ينتظرون رجوعَه.
واتفق أن دجلة زادت زيادة عظيمة، فزعموا أن ذلك من رماده (١)، وبعض أصحابه
(١) في (ف) و (م ١): زيادة عظيمة، فادعى أصحابه أن الرماد خالط الماء.