يعرض له، فسار إلى المغرب ونزل إلى سِجِلْماسَة في سنة ستٍّ وتسعين ومئتين، ثم انتقل إلى إفريقية في سنة سبع وتسعين، وكان في زِيِّ التجار، وتقرَّب إلى واليها فأحبَّه، فكُتِبَ إليه بالقبض عليه، فقبض عليه واعتقله في قلعة سِجِلْماسة.
وبلغ خبرُه أبا عبد الله الدَّاعي وهو مُقيمٌ بالبَرْبَر قد أحكم أمرَه، فنهض بالبَرْبَر إلى القلعة، وقتل واليها، وأخرج عُبيدَ الله وأظهرَ أمره وعمره يومئذٍ سبعٌ وثلاثون سنة، ولم يلبث إلا قليلا حتى دَبَّر في قتل أبي عبد الله الداعي وأخيه أبي العباس، فقتلهما يوم الإثنين للنصف من جُمادى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين، وملك الأمرَ بعدهما، وقَلَع بني الأغلب وُلاةَ المغرب، وتَلقَّب بالمَهديّ، وبنى المَهديَّة في سنة ثمانٍ وثلاث مئة، وتوفي يوم الإثنين رابع عشر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، وعمرُه اثنتان وستون سنة وأشهر، ومُدَّةُ إقامته في الأمر خمسٌ وعشرون سنة وثلاثةُ أشهر وستة أيام، ونَقْشُ خاتمه: بنصر الإله الممجَّد ينتصرُ الإمام أبو محمد، وكان جَميلًا، جَسيمًا، عالمًا، فاضلًا، حَسَنَ التَّدبير والسِّياسة.
وقال القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار البصري (١): جدُّ الخلفاء المصريين اسمُه سعيد، ويُلَقَّب بالمهدي، وكان أبوه يهوديًّا حدَّادًا من أهل سَلَمْيَة من أرض حِمص، زعم سعيد هذا أنَّه ابن الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القَدَّاح بن دَيْصان بن سعيد الغَضْبان الخرمي، وأهل الدَّعوة من هذه الطائفة منهم أبو القاسم بن الأبيض العلوي وغيره يزعمون أنَّ سعيدًا هذا ليس هو ابن الحسين، وأنَّ الحسين لما تزوَّج بأمِّه ربَّاه وعلَّمه أسرارَ الدَّعوة، وزوَّجه ببنت أبي الشَّلَغْلَغ من ولد عبد الله بن مَيمون القدَّاح، فجاء لسعيد منها ابنٌ سمَّاه عبد الرحمن، ولمَّا دخل سعيد هذا إلى أرض المَغْرب وأقام بسِجِلْماسَة تسَمَّى بعُبَيد -مُصغَّر- وتَكَنَّى بأبي محمد، وسَمَّى ابنَه عبدَ الرحمن الحسنَ.
وقال المغاربة: إنَّه من أهل الأهواز، وإنَّه يتيمٌ في حِجْره وليس بابنه، وإنَّ أباه من أهل البيت ﵈، ولمَّا تمكَّن عُبيد من المغرب قال: هو ابني، وكنَّاه أبا القاسم، وجعله وليَّ عهده.