مُقْلَة وولدُه منها إلى الجانب [الغربي]، وركب السَّاجِيَّةُ، ورَفَقوا بالجُند، وراسلوهم، فانصرفوا، وعاد الوزير [وابنه] إلى منازلهما، ونُودي في أصحاب ابن ياقوت وغلمانه وأسبابه: لا يُقيمُ أحدُ منهم ببغداد؛ لأنَّ ابن مُقْلَة اتَّهَمهم بذلك (١).
وفي رجب قُبِض على العباس بن المقتدر من داره بالرُّصافَة، وحُمِل إلى دار الخليفة، وطُلب أخوه عبد الواحد فلم يُظْفَر به؛ لسَعْيٍ وقع لهما في الخلافة.
وفيها وصل أبو العباس الخَصِيبي من البحر مُسْتَترًا لمَّا أفلت من عُمَان، وعلم ابنُ مُقْلَة، فكبَسَ عدَّة مواضع، فلم يَظْفَر به، فأمسك عن طَلَبه.
وفيها هدم ابنُ مُقْلَة مَنازلَ أبي الفَرَج محمد بن جعفر بن حَفْص، وسببُه أنَّ ابنَه أبا جعفر كتبَ رُقْعَةً إلى الرَّاضي يَطلبُ الوزارة على يد مُفْلح الخادم، فبعث الرَّاضي بالرُّقْعَة إلى ابن مُقْلَة، وحَبَس الخادم، فهدم ابن مُقْلَة مَنازلَ ابن حفص ودورَ أهله، وقطع شجرَ بساتينهم، وواصل الكَبْسات في طَلَب أبي جعفر والخَصيبي، فلم يَظْفَر بهما.
ذكر قصة سعيد بن حَمْدان:
كان قد ضَمِن المَوْصِلَ وديارَ ربيعة سِرًّا من ابن أخيه الحسن بن عبد الله بن حَمْدان، وخُلِع عليه ببغداد، وكان ابن أخيه ضامِنًا للبلاد، فخرج أبو العلاء سعيد في صورة مَن يُساعد ابنَ أخيه في تَخْليص الضَّمان في خمسين فارسًا من غلمانه، فدخل الموصل، وعرف ابن أخيه خبرَ مُوافاته، فخرج نحوه مُظْهِرًا لتَلَقِّيه، واعتمد أن يُخالِفَه في الطريق.
ومضى أبو العلاء إلى دار ابن أخيه فنزلها، وسأل عنه فقيل: خرج للقائك، فجلس ينتظره، ولمَّا علم الحسن بأنَّ عمَّه في داره وَجَّه غِلمانَه، فقبضوا عليه وقَيَّدوه، فلمَّا كان ليلة نصف رجب وجَّه غلمانه إلى عمِّه فقتلوه، ولم يَجتمعا، وحُمل إلى الحُسَينية فدُفِن بها.
وعلم الرَّاضي فأنكر ذلك إنكارًا عظيمًا، وتقدَّم إلى أبي علي بن مُقْلَة بالخروج إلى الموصل والإيقاع بالحسن، فخرج في السَّاجِيَّة والحُجَرِيّة وجميعِ الجيش، وشَيَّعه أربابُ الدولة وابنُه أبو الحسين، واسْتَخْلَفَه مَوْضِعَه.
(١) ما بين معكوفين من الكامل ٨/ ٣١٢، وانظر المنتظم ١٣/ ٣٤٩، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤١٧.