للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ابن مُقْلَة قد سعى في مُصادَرَة علي بن عيسى على خمسين ألف دينار بكتاب افْتَعَلَه إلى الحسن بن عبد الله بن حَمْدان عن الرَّاضي، مَضْمونُه: أن لا يفرج عن ضَمانه، ولا يحمل من ماله شيئًا إلى الحَضْرة، وأن يمنع مَن يحمل المِيرَة إلى بغداد.

فلمَّا اتَّفق تسيير ابن مُقْلَة إلى الموصل؛ أُطْلِق علي بن عيسى من المَوْصِل [إلى منزله بعد أداء المال، وانحدر إلى ضيعته بالصَّافِيَة، و] خرج (١) منها الحسن يوم الأربعاء لستٍّ بقين من شعبان، فتبعه ابن مُقْلَة، فصَعِد جبلَ التِّنِّين، ودخل بلد الزَّوْزان، فعاد ابنُ مُقْلَة إلى المَوْصل، وأقام يَسْتَخرج الأموال، ويَسْتَسلِفُ من التُّجّار مالًا على أن يُطلِقَ لهم من غلَّات البلد، فاجتمع له أربعُ مئة ألف دينار.

ولمَّا طال مُقامُه بالمَوْصل احتال سَهْلُ بن هاشم كاتبُ الحسن، وكان مُقيمًا ببغداد، فبذل لأبي الحسين بن الوزير عشرةَ آلاف دينار حتى يكتب لأبيه بأنَّ الأمور بالحَضْرَة قد اضطربت، وأنَّه متى تأخَّر لم تُؤمَن حادثةٌ يَبْطُل بها التَّدبير، فانزعج الوزيرُ وقلَّد المُعاون بها ما كرد الدَّيلَمي من السَّاجِيَّة (٢)، وانصرف إلى الحَضْرة، فدخل بغداد مُسْتَهَلَّ ذي القعدة، وخرج الأميرُ أبو الفضل [مُتَلقّيًا]، ولقي الوزيرُ الرَّاضي، فرحَّبَ به، ومضى إلى منزله، وكان قد كتب إلى ابنه أبي الحسين بأن يكتب كتابًا إلى علي بن عيسى يُطيِّبُ قلبَه فيه، ويَعِدُه وَعْدًا جميلًا، ويُخيِّرُه بين الانصراف إلى منزله بمدينة السَّلام أو المُقام بالصَّافِيَة، فكتب إليه فقال: أختارُ المُقامَ بالصَّافِيَة.

وكان السَّبب في ذلك ابن مُقْلَة؛ لمَّا وَصل إلى المَوْصِل كتب إلى الحسن بن عبد الله بن حَمْدان كتابًا يُطيِّبُ فيه قلبه، ويَعِدُه فيه بالخير، ويؤمِّنُه إن عاد إلى الطَّاعة، فقال


(١) ما بين معكوفين من أخبار الراضي ٦٦ - ٦٧، وانظر تكملة الطبري ٢٩٥، والكامل ٨/ ٣٠٩ - ٣١٠، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤١٧.
(٢) في تكملة الطبري ٢٩٥، والكامل ٨/ ٣١٠: واستعمل على الموصل علي بن خلف بن طياب وماكرد الديلمي وهو من الساجية، وفي أخبار الراضي ٦٨: وخلف بالموصل علي بن خلف بن طياب على الخراج، ويانسًا المؤنسي على الحرب.