للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال ثابت بن سِنان:] وفي يوم الثلاثاء لسبعٍ خَلَون من جُمادى الآخرة سقطت القُبَّةُ الخضراء بمدينة أبي جعفر التي بناها [أبو جعفر] المنصور.

[هذا قول ثابت بن سنان، وقد ذكرها الخطيب أتمَّ من هذا وقال: سقط رأس القُبَّة الخضراء التي في قصر أبي جعفر المنصور في التاريخ المذكور،] وكانت (١) تلك الليلة ليلة مَطيرة، فيها رَعْدٌ هائل وبَرْقٌ شديد، وكانت هذه القُبَّةُ تاجَ بغداد، ومأثُرَةَ بني العباس، [بناها المنصور أول ملكهم] وكان بين بنائها وسقوطها مئةٌ وسبع وثمانون سنة.

وفيها تمّ عِمارة جامع بَراثا ببغداد، وكان المقتدر قد هدَمه إلى الأرض، اتَّهم أقوامًا هن أهل الكرخ أنَّهم يجتمعون فيه ويسبون الصحابة، [فلما كان في هذه السنة] أمر بجكم بعمارته وتوسيعه وتسقيفه بالساج، ونُقِش بالجَصِّ والآجُرّ، وجعل إمامه أحمد بن الفضل الهاشمي، وكتب اسم الراضي على حائط القِبلة (٢).

واشتد الغَلاء ببغداد، فبلغ الكُرُّ مئةً وثلاثين دينارًا، وأكل الناس النُّخالة والحَشيشَ، ووقع الوَباءُ [بمكة وبغداد] حتى كان يُرمى جماعةٌ في قبر [واحد] من غير غُسل ولا تكفين.

وأجدبت الأرض ببغداد (٣)، فرأت امرأةٌ رسول الله في المنام يقول لها: قولي للناس يخرجوا فيستسقوا، وكُتب إلى المتقي بذلك، فأمر مُناديه بخروج الناس، فقال بعضهم: وهل يُقبل في مثل هذا منامُ أمرأةٍ؟ فأمر المتقي بالخروج، فخرجوا وليس في السماء غَيْمٌ، فلمَّا بَرزوا إلى المُصَلَّى لم يَتخلَّف أحدٌ مع أحمد بن الفَضْل الهاشمي، فاستقبل القبلة ودعا وأمَّن الناس، فنَشأت سَحابةٌ، ثم طَبَّقت الآفاق، وأسْبَلَت عَزالِيها (٤)، فرجع الناس يَخوضون في الوَحْل.


(١) في (خ): بناها المنصور وقال الخطيب سقط رأس القبة وكانت، والمثبت من (م ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ١/ ٣٨٣، وعنه المنتظم ١٤/ ٦.
(٢) المنتظم ١٤/ ٤ - ٥.
(٣) في (م ف م ١): وذكر المحسن عن أبيه أن الأرض أجدبت ببغداد، والمثبت من (خ). والخبر في المنتظم ١٤/ ٧ - ٨ من طريق علي بن المحسن، عن أبيه، عن أحمد بن يوسف الأزرق، عن أبي محمد الصلحي الكاتب.
(٤) يُشَبَّه انصباب الماء واتساع المطر واندفاقه بمصب الماء من أسفل القربة والزادة. معجم متن اللغة.