دمها ولا يغتسل من جنابة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، إن هذا لهو البلاءُ المبين. والأصحُّ أنه لم يطأ نساءَ سليمان، قال مجاهد والحسن البصري: لم يثبت ذلك لأن الشيطان خلق من نار، فلو جامع امرأة لأحرقها. فلما مضت أربعون ليلة - وقيل: خمسون - اجتمع علماء بني إسرائيل، ونشروا التوراة، وبكوا وتضرعوا إلى الله تعالى، فلما رأى الشيطان ذلك طار من مجلس سليمان، ثم قذف بالخاتم في البحر فابتلعته سمكة.
فإن قيل: فكيف أقدم الشيطان على حمل الخاتم وفيه أسماء الله تعالى؟ فالجواب: إن الله أقدره عليه عقوبةً لسليمان، فغيَّر أوصافه وألقى عليه شبَه سليمان إلى المدة المذكورة.
والسبب الثاني: في امتحان الله سليمان ما رواه الوالِبي عن ابن عباس قال: كان بين قوم وبين أهل امرأةٍ لسليمان حكومة، فقضى سليمان ﵇ للقوم على أهل المرأة، إلا أنه ودَّ بقلبه لو كان الحقُّ لأهلها، فعوقب إذ لم يكن هواه فيهم واحدًا.
والثالث: أن هذه الزوجة كانت آثر النساء عنده فقالت له: إن بين أخي وبين قوم خصومة، وإني أحب أن تقضي له فقال: نعم، ولم يفعل، فابتلي لأجل ما قال: نعم، قاله السُّدي. والأصحّ القول الأول، وعامة العلماء عليه.
وقال جدي في "التبصرة": وفي كيفية ذهاب الخاتم قولان، أحدهما: أنه كان جالسًا على شاطئ البحر فوقع منه، قاله عليّ ﵇. والثاني: أنَّ شيطانًا أخذه (١).
ثم في كيفية أخذه هو أقوال: أحدها: أنه وضعه تحت فراشه ودخل الحمام، فأخذه الشيطان فألقاه في البحر، قاله ابن المسيّب. والثاني: أنه أخذه منه. والثالث: أنه أخذه من الأمينة، وهو الأصحّ، ذكره سعيد بن جبير ووهب وغيرهما.
واختلفوا في رجوع الخاتم إليه على أقوال:
أحدها: ما ذكرنا عن ابن عباس وروينا.
والثاني: أنَّ الحوت بلع الخاتم فأخذه بعض الصيَّادين ودفعه إلى سليمان وآخر