للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيأمر الوزير بإحضارهما، ويأمرهما بإزالة ما تَجدَّد على الأسارى، فإن لم يُزَل لم يَطلُب بتلك الجريرة غيرهما (١)، فكتب يستدعيهما.

فلمَّا كان بعد شهرين دخلتُ عليه وهو مَسرورٌ، فقال: جزاك الله خيرًا عن الإسلام وعن دينك وعنِّي [وعن المسلمين]، هذا رسول العامل قد ورد، ثم قال له: أخبِرْه بما جرى، فقال: نَدَبَني العامل مع رسول (٢) البَطْرك والجاثليق إلى القُسْطنطينية، وكتبا معي كتابًا إلى الملك: إنَّك قد خرجتَ بما فعلتَ من مِلَّة المَسيح، وليس لك الإضرارُ بالأسارى، فإن أزلتَ ما فعلتَ وإلا أخرجناك من دين المسيح، ولَعنَّاك على [هذين] الكُرسيين.

قال الرسول: فلمَّا وَرَدْنا على الملك دفعنا إليه الكتابَين، فأخذهما وأنزلَنا وأكْرَمَنا، فلمَّا كان بعد أيام استدعانا، وأحضر الأُسارى وقد صَلُحَت أحوالُهم وكساهم، وكانوا قبل ذلك موتى، كأنَّهم قد نُبِشوا من القبور.

[قال:] فسألني واحدٌ من الأسارى عن السَّبب، فأخبرتُهم أنَّ الوزير علي بن عيسى بلغه ما أنتم فيه، فكتب وفعل [ما فعل]، فضجُّوا بالدُّعاء له، وقالت امرأةٌ: قِرَّ يا علي (٣) ابن عيسى، لا نسي الله لك هذا الفعل.

وسجد الوزيرُ شكرًا لله ﷿ وجعل يبكي، فقلتُ: أيُّها الوزير، سمعتُك وأنت تتبَرَّم بالوزارة، فهل كنتَ تقدر على تحصيل هذه المَثوبة لولا الوزارة، فشكرني وانصرفتُ.

[ذكر حكايته مع العَطَّار:

حكاها القاضي التَّنوخي، عن أبيه قال: حدثني جماعة أنه] كان (٤) بالكَرْخ عَطَّارٌ، فركبه دَينٌ وكان مَستورًا، فقام من دُكَّانه، ولزم المسجد والصلاة والدُّعاء، فنام ليلةً، فرأى النبيَّ في منامه وكانت ليلةَ الجمعة، فقال له: يا فلان اقصِد علي بن عيسى فقد أمرتُه أن يُعطيَك أربع مئة دينار، فخُذْها وأصلحْ بها حالك -قال: وكان عليَّ ستُّ


(١) في تحفة الوزراء ٢٤٠: ومتى لم يزل ذلك طولبا بجريرة ما يفعل هناك وسلك في معاملة النصارى مثل ذلك، والنقل عن المنتظم ١٤/ ٥٩.
(٢) في (م ف م ١): فقال له رسول العامل رحت مع رسول، والمثبت من (خ).
(٣) في النسخ والمنتظم ١٤/ ٦٠: مر يا علي، والمثبت من تحفة الوزراء ٢٤١.
(٤) ما بين معكوفين من (ف م م ١)، بدله في (خ): وقال القاضي التنوخي كان. والخبر في الفرج بعد الشدة ٢/ ٢٧٦، وتحفة الوزراء ٢٤٤، والمنتظم ١٤/ ٦٠.