للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملوك الذين معه: اقسم بيننا هذه الغِلْمَةَ، فقسمهم بينهم، فأصاب كلُّ واحد منهم أربعة غلمة، وكان من أولئك الغِلْمَان دانيال الأصغر، وسبعة آلاف من ولد داود، وأحد عشر ألفًا من وَلد يُوسف بن يعقوب وأخيه بَنْيامِين، وثمانية آلاف من سبط يساخر ابن يَعْقُوب، وأربعة عشر ألفًا من سبط زبالون بن يعقوب ونفتالي بن يعقوب، وأربعة آلاف من سبط يهوذا بن يعقوب، وأربعة آلاف من سبط روبيل ولاوي ابني يعقوب. ومن يقي من بني إسرائيل جعلهم بُخْتَ نَصَّر ثلاث فرق: فثلثًا قتلهم، وثلثًا أجلاهم، وثلثًا أقرهم بالشام (١).

فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء: ٤] فالجواب من وجوه:

أحدها: أنهم في المرة الأولى أفسدوا وعصوا وسفكوا الدم، فبعث الله عليهم جَالوت وجنوده، فقتلوا وسبوا وأخذوا التابوت، على ما ذكرناه، قاله ابن عباس.

أنبأنا غير واحد عن عبد الوهاب بن المبارك الحافظ بإسناده عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا﴾ أي: عقوبة أولى المرتين ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا﴾ جالوت وجنوده ﴿فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ٥] وضربوا عليهم الخراج والذلَّ، فسألوا أن يبعث لهم مَلِكًا يقاتلون معه في سبيل الله، فبعث الله طالوت ملكًا. فلما أفسدوا بعث الله عليهم في المرة الأخيرة بُخْتَ نَصَّر.

قال الجوهري: الجَوْسُ مصدر قولك: جاسوا، خلالَ الديار، أي: تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها (٢). وقال مقاتل: جاسوا بمعنى: داسوا وأخربوا.

والثاني: أنَّ الذي بعث في المرة الأولى بُخْتَ نَصَّر، قاله سعيد بن المسيَّب، واختاره الفرَّاء والزجَّاج، وفي الثانية جَالُوت.

والثالث: أنَّ الذي بعثَ في الأولى العَمَالقة وكانوا كفارًا، وفي الثانية بُخْتَ نَصَّر.


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٣٧.
(٢) "الصحاح" (جَوَس).