للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقدس على فرسخين، قاله مقاتل.

وقال الرَّبيع: هي دَاوَرْدان التي خرج منها الألوف، وقيل: دير هِزقِل (١)، والأول أصح.

والخاوية: الساقطة بعضها على بعض، والعروش: السقوف، ومعنى ﴿أَنَّى﴾ أي: كيف ومتى، وليس المراد به الشكُّ بل التعجُّب ﴿كَمْ لَبِثْتَ﴾ استفهام عن مبلغ العدد، وعامة القراء على إظهار لبثت لأنه أظهر (٢).

فإن قيل: فقد كان عُزَير نبيًا فلمَ لم يُذْكَر في القرآن باسمه، فالجواب من وجوه: أحدها: أنَّ الله ذكر قصص جماعة في القرآن من الأنبياء، ولمْ يذكر أساميهم كشَعيا ويوشَع وإرْمِيا ونبيِّ أصحاب الرسِّ وعُزَير في آخرين لحكمة رآها.

والثاني: لأنّ عزيرًا قال: ﴿أَنَّى يُحْيِي﴾ وفيه نوع شك وإن كان تعجُّبًا.

والثالث: لأنه سأل ربه عن القَدَر فأوحى الله إليه: سألتني عن غامض علمي فعاقبتك بأن لا أذكر اسمك مع الأنبياء، قاله داود بن أبي هِند.

فإن قيل: وما الذي سأل ربه؟ قلنا: روى الضحاك عن ابن عباس قال: قال عُزَير: يا رب، لو شئتَ أن تطاع لأُطعتَ، ولو شئتَ أن لا تُعصى لما عُصِيتَ، وأنت تحبُّ أن تطاع، ومع ذلك فأنت تُعْصَى. فأوحى الله إليه: أنا لا أُسْالُ عما أفعل وهم يُسألون. فقال: يا إلهي، خلقت الشر وقدَّرته فلمَ تعاقبُ عليه؟ فأوحى الله إليه: أعرضْ عن هذا، فلم يَنْزجِر، فقال الله: يا عُزَير، أتريدُ أنْ تسألَنَي عن أصل علمي؟ لأمحوَنَّ اسمك من ديوان النبوَّة.

وقال ابن عباس: لم يَكن في أولاد الأنبياء مثل عُزَير، ولا أَحْكَم للتوراة منه، فعوقب لما سأَل عن القَدَر.


(١) في (ك) و (ب): هرقل، والمثبت من (ط) وهو الصواب، قال ياقوت: بكسر أوله وزاي معجمة ساكنة وقاف مكسورة، وأصله حزقيل، ثم نقله إلى هزقل.
(٢) وهو إظهار التاء وعدم إدغامها في الثاء، وبالإظهار قرأ ابن كثير ونافع وعاصم، وبالإدغام قرأ أبو عمر وابن عامر وحمزة والكسائي، فقالوا: "لبتُّ". انظر "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٣٦٧، و "تفسير القرطبي" ٣/ ٢٩١.