للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن أحمد المَرَّار: رأيتُ رسولَ الله في المنام في جامع الخليفة، وإلى جانبه رجلٌ مُتكهِّل، فسألتُ عنه، فقيل: هو عيسى ابن مريم ، وهو يقول: أليسَ من أمتي الرُّهبان؟ أليسَ منهم أربابُ الصوامع؟ أليسَ منهم الأحبار؟ فدخلَ ابنُ سَمْعون، فقال له رسول الله : "ففي أمتك مثل هذا؟ " فسكتَ، وانتبهتُ.

وقال الحسن بن محمد الخلَّال: قال لي ابن سَمعون: ما اسمك؟ فقلت: حسن.

فقال: قد أعطاك اللهُ الاسمَ فسَلْه أن يُعطيك المعنى.

وقال ابن سَمعون: رأيتُ المعاصي نذالةً فتركتُها مروءةً، فاستحالتْ ديانةً.

وقال: اخذَروا الصغائر، فإنَّ للنُّقَط الصِّغار آثارًا في الثوب النَّقي.

وقال: من الوقاحة تمنِّيك مع توانيك، استَوْفِ من نفسك الحقوقَ، ثم وَفِّها الحُظوظ.

وقال: كلُّ من لم يَنْظُر بالعلم فيما لله عليه فالعلم حُجَّةٌ عليه.

وقال: الصادقون الحُذَّاق هم الذين نظَروا إلى ما بذَلوا في جنب ما أمَّلوا، فصَغُر ذلك عندهم.

وقال: تظَلَّمْ إلى ربِّكَ مِنْكَ، واستنصِره عليكَ يَنْصُركَ.

وأنشد: [من البسيط]

لو كلُّ جارحةٍ مني لها لُغةٌ … تُثني عليكَ بما أوليتَ من حَسَنِ

لكانَ مازانَ شُكري إِذْ أشَرتُ بهِ … إليك أَزْيَدَ في الإحسانِ والمِنَنِ

وقال الحسين بن غالب الحربي: كنا جلوسًا عند ابن سمعون في مسجده، فجاء قومٌ معهم كلابُ الصيد، فنبحَتْها كلابُ المحَلَّة، فقال ابن سَمْعون: سبحان الله! هل تدرون ما قالت هذه لتلك؟ قلنا: لا. قال: قالت كتاب المَحلَّة: يا مساكين، رغبتُم في مطاعم الملوك فسَوْجَروكم (١) بالحديد، ولو قَنِعْتُم بالمنبوذ مثلَنا لخلَصْتم من رِقِّ العبودية. فقالت لها كلاب الصيد: لمَّا رأَوْنا أهلًا للخدمة جَبَنونا عليها (٢)، وقاموا لنا بالكفاية. فقالت كتاب المحلَّة: لو كان كما قلتُم لكان أحدُكم إذا كَبِرَ عرفوا له حقَّ


(١) من الساجور: وهي القلادة التي توضع في عنق الكلب. المعجم الوسيط (سجر).
(٢) جبنونا عليها: كانوا أسخياء علينا بها. اللسان (جبن).