للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسي، وأكْلَلْتُ راحلتي، واللهِ ما تركتُ من حَبْلٍ إلَّا وقد وقفتُ عليه، فهل لي من حَجٍّ؟ فقال: "مَنْ صلَّى معنا هذه الصلاةَ وقد وقف بعرفة بليلٍ أو نهارٍ فقد تَمَّ حجُّه (١) " قال الحاكم (٢): وهذا حديثٌ صحيحٌ عَمِلَ به الفقهاء، واتَّفقوا على العمل به، ولم يُخرِّجاه فِي الصحيحين لعدم شرطه، وهو ما ذكرناه.

القسم الثالث من الصحيح: أخبارُ جماعةٍ من التابعين عن الصحابة، والتابعون ثقاتٌ، إلَّا أنَّه ليس لكلِّ واحدٍ منهم إلَّا الراوي الواحد، مثل: محمد بن حُنين، وعبد الرحمن بن فَرُّوخ، وعبد الرحمن بن مَعْبَد، وغيرُهم، فإنهم ليس لهم إلَّا راوٍ واحد، وهو عمرو بن دينار، إمامُ أَهْلِ مكة المُجْمَع على عدالته، ولم يُخرِّجا عنه فِي الصحيحين؛ لعدم شرطه.

والقسم الرابع من الصحيح: الأحاديثُ الأفراد التي يرويها الثقات، وينفرد بها الواحد من الثقات، مثل: حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إذا انتصفَ شعبانُ فلا تصوموا حتَّى يجيء رمضان" (٣). وقد أخرج مسلمٌ أحاديث العلاء، وتركَ هذا الحديثَ وأشباهَه؛ لأنَّ العلاءَ انفرد به عن أبي هريرة.

والقسم الخامس من الصحيح: أحاديثُ جماعةٍ من الأئمة عن آبائهم وأجدادهم، مثل: صحيفة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه. ونحو ذلك.

وأما الأقسام المختلف فِي صِحَّتها:

فالقسم الأول: المراسيل: وهو قولُ التابعيِّ وتابعيِّ التابعي: قال رسول الله ، ولا يذكرُ الَّذي سمع منه، فهذه الأحاديث صحيحةٌ عند أهل الكوفة، مختلفٌ عليها عند أهل الحجاز؛ لما عُرِفَ.

والقسم الثاني: رواياتُ المدلِّسين إذا لم يذكروا أسماءهم فِي الرواية، وفيه خلافٌ على نحو خلافهم فِي المراسيل.


(١) أخرجه أحمد (١٦٢٠٨) و (١٦٢٠٩)، وأبو داود (١٩٥٠)، والترمذي (٨٩١)، والنسائي ٥/ ٢٦٣، وابن ماجة (٣٠١٦). والحَبْل: المستطيل من الرمل أو الضخم منه. النهاية (حبل).
(٢) المستدرك أيضًا ١/ ٤٦٣.
(٣) أخرجه أحمد (٩٧٠٧)، وأبو داود (٢٣٣٧)، والترمذي (٧٣٨) والنسائي فِي الكبرى (٢٩٢٣)، وابن ماجة (١٦٥١).