للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِسائها مَريمُ بِنتُ عِمرانَ، وخَديجَةُ بنتُ خُويلدٍ" (١) متفق عليه.

وقال أحمد بإسناده عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "ما مِن مَولُودٍ يُولَدُ إلا والشَّيطَانُ يَمسُّهُ حين يُولَدُ، فَيَستَهِلُّ صَارخًا مِن مسِّ الشَيطَان إيَّاهُ إلا مَريَمَ وابنَها" ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ متفق عليه (٢).

وفي المتفق عليه: "كُلُّ ابنِ آدمَ يَطعُنُ الشَّيطَانُ في جنبيهِ حِينَ يُولدُ غير عيسى بنِ مَريمَ، ذهب يَطعُنُ فيه فَطعَنَ في الحِجَابِ" (٣) أي: في المشيمة، والاستهلالُ: رفع الصوت.

﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ﴾ [آل عمران: ٣٧] أي: رضيها للتحرير وأنبتها نباتًا حسنًا، فكانت تشبُّ في كل يوم كما يشب غيرها في شهر، وفي شهر كما يشب غيرها في سنة.

وقال وهب: ولما وضعتها لفَّتها في خرقة وحملتها إلى المسجد، فوضعتها بين يدي الأحبار أبناء هارون، وهُم يومئذٍ يَلُونَ أمر بيت المقدس كحَجَبة بني شيبة للكعبة. وقالت: دونكم هذه النذيرة، فتنافسوا فيها، لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم، فقال لهم زكريا: أنا أحق بها، عندي خالتها. فقالوا: لا نفعل، ولكنا نقترع عليها فتكون عند من خرج سهمه. فانطلقوا وكانوا تسعة وعشرين إلى نهر الأردن قريبًا من أريحا، فألقوا أقلامهم التي يكتبون بها التوراة والزبور في الماء، وقال الزجاج: هي قداح عليها علامات يعرفون بها القرعة، وإن قيل لها أقلام لأنها تُقلم وتُبرى (٤). فأرن قلم زكريا، أي: صار له رنين، ووقف، فجرت أقلامهم مع الجرية وعال قلم زكريا الجرية، أي: ارتفع عليها. فقرعهم زكريا وكفلها، والكفالة: الضم، واسترضع لها زكريا، وقيل: إنما ضمها إلى خالتها أم يحيى. فلما بلغت مبالغ النساء بنى لها


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٦٤٠)، والبخاري (٣٤٣٢)، ومسلم (٢٤٣٠).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٧٧٠٨)، والبخاري (٤٥٤٨)، ومسلم (٢٣٦٦).
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٨٦)، ومسلم (٢٣٦٦) عن أبي هريرة.
(٤) انظر "معاني القرآن" ١/ ٤١٠ - ٤١١.