للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القضاعي وغيره: إنَّ ستَّ الملك أمرت بخِلَعٍ عظيمةٍ ومالٍ كثيرٍ ومراكبَ ذهبٍ وفضةٍ، وأمرتِ ابنَ دَواس أن يشاهِدَها في الخزانة وقالت: غدًا يَخلع عليك. فقيل الأرض، وفرح، وأصبح من الغد، فجلس عند الستر ينتظر الإذن، ويأمر وينهى، وكان للحاكم مئةُ عبدٍ يختصُّون بركابه، ويحملون السيوف بين يديه، ويقتلون من يأمرهم بقتله، فبعثَتْ بهم ستُّ الملك إلى ابن دَوَّاس يكونوا في خدمته، فجاؤوا في هذا اليوم، ووقفوا بين يديه، فقالت ست الملك لنسيم صاحب الستر: اخرُجْ قِف بين يدَي ابنِ دَوَّاس، وقُلْ للعبيد: يا عَبيد، مولاتُنا تقول لكم: هذا قاتلُ مولانا الحاكم، فاقتلوه. فخرج نسيم وقال لهم ذلك، فمالوا على ابنِ دواس بالسيوف، فقطعوه، وقتلوا العبدين اللذين قتلا الحاكم، وكلُّ من اطلع على سرها [قتلَتْه] (١)، فقامت لها الهيبة في قلوب الناس.

قال ابن الصابيء: ولمَّا قتلَتِ ابنَ دَوَّاس قتلتِ الوزيرَ الخطير (٢) ومَنْ كانت تخاف منه.

وقد حكينا عن ابن الصابيء أنه قال: إنَّ ستَّ الملك قبضت على وليِّ العهد وحبسته بتنيس.

وقال القضاعي: إنَّها لمَّا كتبت إلى دمشق بحمل وفي العهد إلى مصر لم يلتفت، واستولى على دمشق، ورخَّص للناس ما كان الحاكم حظره عليهم؛ من شُربِ الخمر، وسماعِ الملاهي، فأحبَّه أهلُ دمشق، وكان بخيلًا ظالمًا، فشرع في جمع المال، ومصادرات الناس، فأبغضه الجند وأهل البلد، فكتبَتْ أختُ الحاكم إلى الجند، فقبضوه، وبعثوا به مُقيَّدًا إلى مصر، فحُبِس في القصر مكرمًا، وأقام مُدةً، وحُمِلَ إليه يومًا بِطِّيخٌ ومعه سِكِّين، فأخذ السِّكين فأدخلها في سُرَّته حتى غابت، وبلغ ابنَ عمِّه الظاهر [بن الحاكم]، فبعث إليه القُضاةَ والشهودَ، فلما دخلوا عليه اعترف أنه هو الذي فعل ذلك بنفسه، وحضر الطبيبُ، فوجد طرف السكين ظاهرًا فقال: لم تُصادِفْ مَقتلًا. فوضع وليُّ العهد (٣) يدَه عليها فغيَّبها ومات (٤).


(١) ما بين حاصرتين من النجوم الزاهرة ٤/ ١٩٢.
(٢) في (خ): الخطيب، وهو تصحيف.
(٣) في (م) و (م ١): فوضع عبد الرحيم.
(٤) جاء بعدها زيادة مكررة قد تقدمت آنفًا، وهي: وقال ابن الصابيء: ولما قتلت ابن دواس … إلى قوله: في (خ) فعلت أخته.