للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وارتفعتِ الأصواتُ بالتكبير والتهليل، ولقَّبَتْه الظاهرَ لإعزاز دين الله، وأقبلَ الناسُ أفواجًا فبايعوه، وأطلقَ المال، وفرِحَ الناسُ، وأُقيم المأتمُ على الحاكم ثلاثة أيام.

وقال القاضي القضاعي: خرج الحاكم إلى الجبل المعروف بالمُقَطَّم (١) ليلةَ الاثنين السابع والعشرين من شوَّالِ هذه السنة، فطاف ليلتَه كلَّها، وأصبح عند قبر الفُقَّاعي، ثم توجَّه شرقيَّ حُلوانَ؛ موضعٌ بالمُقطَّم، ومعه ركابيان، فردَّ أحدَهما مع تسعة نفرٍ من العرب -كانت لهم رسومٌ، ويُقال لهم: السُّويديُّون- إلى بيت المال، وأمَرَ لهم بجائزة، ثم أعاد الركابيَّ الآخر، وذكر أنه فارقه عند قبر الفُقَّاعي والقصبة، وأصبح الناسُ على رسْمِهم، فخرجوا ومعهم الموكِبُ والقضاةُ والأشرافُ والقُوَّادُ، فأقاموا عند الجبل إلى آخر النهار، ثم رجعوا إلى القاهرة، وعادوا ففعلوا ذلك ثلاثة أيام، فلمَّا كان يوم الخميس سَلْخَ شوَّال خرج مُظفَّرٌ صاحبُ المِظَفَةِ، ونسيمٌ صاحبُ السّتْر، وابنُ مسكينٍ صاحبُ الرمح، وجماعةٌ من الأولياء الكُتامِيين والأتراكِ والقُضاةِ والعُدولِ وأربابِ الدولة، فبلغوا دَيْر القَصير، والمكانَ المعروف بِحُلْوان، وأمعنوا في الجبل، فبينما هم كذلك بصُروا بالحمار الذي كان راكبَه على قَرْن الجبل قَدْ ضُربَتْ يداه بسيف فقُطِعتا، وعليه سَرْجُه ولجامُه، فتتبَّعوا الأثر، [فإذا أثرُ راجلٍ خلف أثرِ الحمار، وأثرُ راجلٍ قُدَّامَه، فقصوا الأثر] (٢)، حتى انتهوا إلى البركة التي شرقي حُلْوان، فنزلها بعضُ الرجَّالة، فوجَدَ فيها ثيابَه، وهي سبع جبابٍ مُزَرَّرةٍ لم تُحَلَّ أزرارُها، وفيها أثرُ السكاكين، فتيقنوا قتله، وكان عمرُه ستًّا وثلاثين سنة وسبعة أشهر، وولايته خمسًا وعشرين سنة وشهرًا واحدًا.

ذكر ما جرى بعد فقده

قد ذكرنا ما فعلت أخته. وكان وليُّ عهده بدمشق، واسمه إلياس، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عبد الرحيم بن أحمد، وكنيته أبو القاسم، ويُلقب بالمهدي، ولَّاه الحاكم العهدَ سنة أربع وأربع مئة.


(١) في (م) و (م ١): بالمقطَّب.
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (خ)، واستدرك من باقي النسخ، وهو في النجوم الزاهرة.