للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعبدين مالًا كثيرًا، وثيابًا [وإقطاعًا]، وأحضرت خطيرَ الملك الوزير، وعرَّفَتْه الحال، واسْتَكْتَمَتْه واستَحْلَفَتْه على الطاعة والوفاء، ورسمَتْ له مكاتبة (١) وفي العهد، وكان مُقيمًا بدمشق نيابةً عن الحاكم بأن يحضر إلى الباب، فكتب إليه بذلك، وأنفذت عليَّ بنَ داود أحدَ القُوَّاد إلى الفَرَما مدينةٍ على ساحل البحر، وقالت له: إذا دخل (٢) وليُّ العهد فاقبِضْ عليه، واحمِلْه إلى تِنِّيس، وفيه خلافٌ نذكره إن شاء الله تعالى، وكتبت إلى عامل تِنِّيس عن الحاكم بإنفاذِ ما عنده من المال، فأنفذه، وهو ألف ألف دينار وألف ألف درهم، خراجَ ثلاثَ سنين كان بتِنِّيس.

وجاء وليُّ العهد إلى الفَرَما، فقُبِضَ عليه، وحُمِلَ إلى تِنِّيس، وفقدَ الناسُ الحاكمَ في [اليوم الثاني، ومنعَ أبو عروس من فتح أبواب القاهرة انتظارًا للحاكم على حسب ما أمره به، وخرج الناسُ في] (٣) اليوم الثالث إلى الصحراء، وقصدوا الجبل، فلم يقِفوا له على أثر، وأرسل القُوَّادُ إلى أخته وسألوها عنه، فقالت: ذَكرَ لي أنه يغيبُ سبعة أيام وما هنا إلا الخير، فانصرفوا على سكون وطمأنينة، ولم تزل أختُه في هذه الأيام ترتِّب الأمورَ، وتُفرِّقُ المال، وتستحلفُ الجندَ، وبعثت إلى ابن دَوَّاسٍ فقالت: استحلِفْ لابنِ الحاكم كُتامَةَ وغيرَها. ففعل، فلمَّا كان اليوم السابع ألبَسَتْ أبا الحسن عليَّ بن الحاكم أفخرَ الملابسِ واستدعَتِ ابنَ دواس، وقالت: المُعَوَّل في قيام هذه الدولة عليكَ، وتدبيرُها موكول (٤) إليكَ، وهذا الصبيُّ ولدُكَ، فابذُلْ في خدمته وُسْعَكَ. فقبَّلَ الأرضَ، ووعدها بالطاعة، [وبلوغ ما في القدرة والاستطاعة]، ووضعتِ التاجَ على رأس الصبي، وهو تاجٌ عظيمٌ، فيه من الجواهر واليواقيت ما لم يوجَدْ في خزانة خليفة، وهو تاج المُعِزِّ جدِّ أبيه، وتحتَه مركبٌ من مراكب الخليفة، وخرج بين يديه الوزيرُ وأربابُ الدولة، فلما صار على باب القصر صاح خطيرٌ الوزيرُ: يا عَبيد الدولة، مولاتُنا السيدة (٥) تقول لكم: هذا مولاكم، فسلِّموا عليه. فقبَّلوا الأرضَ بأجمعهم،


(١) بعدها في (م) زيادة: إلياس، وفي (م ١): المياس.
(٢) في (م) و (م ١): وصل.
(٣) ما بين حاصرتين سقط من (خ)، واستدرك من باقي النسخ، وهو في النجوم الزاهرة.
(٤) في (خ): مؤول، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في النجوم الزاهرة.
(٥) في (م) و (م ١): السعيدة.