للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَزْم العبور إليه، وكان قد أنفذ ولدَه وحريمَه إلى دار الخلافة، فلمَّا كان في الليل لسبعٍ بَقِين من الشهر خرج نصفَ الليل، فقصد أوانا، ولحِقَه الوزيرُ قوام الملك وجماعةٌ من أصحابه وأبو الحارث البساسيري -وكان مريضًا- وحُمِلَ معه الوزيرُ قوامُ الملك في عَمَارية (١)، وتأخَّر عنه الأعيان، وعَبَروا إلى الحاجب، فرحَّب بهم، وكتب إلى أبي كاليجار والأطرافِ ممَّن هو معه يُخبرهم، ونهب الغلمانُ دورَ الذين خرجوا مع الملك، فمنعهم الحاجب، ونادى مناديه: العدلُ شامل، والخوفُ زائل، والحراسةُ واقعة، والصيانةُ جامعة، وسيرةُ الملك أبي كاليجار السيرةُ المشهورةُ في حفظ الرعية وكفِّ الأذية، فليُبلِّغ الشاهدُ الغائب، ولينبسطِ الناسُ آمنين في معايشهم. فدعا الناسَ واطمأنُّوا.

[وقال ابن الصابئ]: وفي ربيع الآخر ورد كتابٌ من فم الصلح بأنَّ قومًا من أهل الجيل حَكَوا أنهم مُطِروا مطرًا كان فيه سمكٌ، في السمكة رطل ورطلان. [قال: وقد شُوهدت الضفادعُ تُمطَر من السحاب، فكذا السمك إذا جاز أن يتولَّد الضفادع من السحاب جاز أن يتولَّد السمك من البحر، فما المانع أن يُغترف السمك، وخصوصًا في الأماكن القريبة من البحر كما ذكرنا في قصة يأجوج ومأجوج، أنَّ السحاب يُمطِر عليهم الأفاعي من البحر].

وفيها ورد أبو كاليجار الأهواز على طريق كازْرُون (٢) على أصلٍ تقرَّر بينه وبين الحاجب، وكاد يهلك من البرد، وهلك من أتباعه خلقٌ كثير، وعاد الأجلُّ العادل إلى شيراز.

وفيها خرج الوزير كمال الدولة من داره بباب المراتب ناظرًا في الأمور إلى دار الفيل ومعه الحاجب والغلمان، وبين يديه البوقات والدبادب على مواطأةٍ متقدمةٍ كانت بينه وبين حاجب الحجَّاب، وكان قد استجار بدار الخليفة من الملك، فلمَّا خرج الحاجبُ اجتمع الغلمان وسألوا الخليفة فيه، فجرى في قصته ما جرى في قصة الحاجب، ونزل في العسكر في خِيَمٍ ضُربت له، ونظر في الأعمال.


(١) العَمَارية: الهودج. وقد تقدمت.
(٢) كازْرُون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز. معجم البلدان ٤/ ٤٢٩.