وفي هذا الشهر أنفذ أهل شفاثا وقلعة العين التي لمحمود بن الأخرم أمير بني خفاجة -وهي معقل الخفاجيين- إلى السلطان، فسلَّموها إليه، فأعطاها أنوشروان زوجتَه، فتسلَّمها أصحابُه.
وفيه أُخرِجَ خُمارتاش الحاجب في جماعة من العسكر إلى الأنبار، وباتِكين ويارختِكين الحاجبان إلى الموصل، وسببه أنه ورد الخبر أن البساسيري وقريش بن بدران ومَنْ معهما من الغلمان البغدادية والأكراد، قطعوا الفرات، ومدُّوا أيديَهم في أعمال الجزيرة.
وفيه ورد الخبر بأن الغلمان البغدادية شغبت على البساسيري، وقالوا: قد أقطعت الرَّحبة، وليس لنا ما يقوم بنا. وانفصل عنه جماعة إلى دمشق.
وفيها أتوا نصر بن أبي عمران الداعية، وشكوا إليه، وطلبوا أن يذهبوا إلى مصر، فنهاهم عن مصر، ووقَّع لهم بما سألوا وأرضاهم، وأعادهم إلى البساسيري، فعادوا كارهين له، فقطع عليهم الطريق بنو كلاب، فقاتلوهم، فنُصِرَ الغلمان عليهم، فقتلوا منهم، ونهبوا خيولهم، وجاؤوا إلى حلب وبها أبو علي بن ملهم، فشكوا إليه حالهم، وعرف منهم أنهم يكرهون العود إلى البساسيري، فارتبطهم عنده، وقرَّر لهم ما يرضيهم، ودخلوا إلى حلب فأقاموا بها.
وفي مستهلِّ ربيع الآخر ورد البساسيري وقريش إلى تل أعفر، وخرج عنها نائب السلطان إلى الموصل، وجاءا فنازلا الموصل، وكان غلمان السلطان يخرجون فيقاتلونهم، واستظهروا على العرب، وبلغ السلطان، فأنفذ إلى الجبال بطلب الحلباشية، وجهَّز إليهم سبع مئة غلام مع الحُجَّاب، وورد بغداد سلطان بن دُبَيس في عسكره نجدةً للسلطان، فتلقاه عميد الملك، وقبَّل الأرض بين يدي السلطان.
[وفيها في ربيع الآخرة توفِّي الملك الرحيم بن نوبة في قلعة الريِّ، ودُفِنَ بقيده].
وفي جمادى الأولى برز إبراهيم ينَّال من بغداد متوجهًا إلى الموصل، وكان بقلعتها ابنانجيل الذي خلفه السلطان بقلعة تل أعفر، جاء منهزمًا من البساسيري، وكانت كتبه متواترة إلى السلطان تطلب النجدة، وأنهم في ضيق، فأراد السلطان يسير بنفسه، فمنعه الخليفة، وأشار بتسيير إبراهيم يَنَّال، وأشار على السلطان بمداراته وإزالة علله، فامتثل