وطيَّبَ قلبه، وخلع عليه خلعةً نفيسةً من ثيابه، وأعطاه مالًا، وبعث إليه الخليفة خِلَعًا وثيابًا وفرسًا من مراكبه، وراسله بألطف الرسائل، وسار نحو الموصل.
وفي جمادى الآخرة ولَّى الخليفةُ نقابة الطالبيين لأبي عبد الله بن أبي طالب نقيب الكوفة والمظالم والحج، وخلع عليه، ولقَّبه بالمرتضى ذي العِزَّين، وحضر قاضي القضاة أبو عبد الله الدامَغاني والأعيان عند رئيس الرؤساء ببيت النوبة، وخلع عليه فيه، وقرأ رئيس الرؤساء عهده، وخرج القاضي معه والحُجَّاب، وعبر إلى الجانب الغربي إلى الدار التي كان ينزلها المرتضى أبو القاسم الموسوي عند بركة زلزل، فلما كان يوم الأربعاء لخمس بَقِين من جمادى الآخرة عبر الأعيان ليهنِّؤوه، وفيهم أبو منصور بن يوسف، والشريف أبو الحسين بن المهتدي الخطيب، وأبو محمد التميمي، وجماعة، فأخذت عمائمهم في الطريق من قِلَّة الناس ببغداد وكثرة اللصوص، ومضى أبو نصر بن الصباغ إلى الجامع يوم الجمعة، فأُخِذَتْ عمامته، وكان العجم من أصحاب السلطان يفتحون الدكاكين نهارًا ويأخذون الأموال، ولا يتجاسر أحدٌ أن ينطق، وخاف الناس خوفًا عظيمًا، وعزم السلطان على نهب الجانب الغربي، وقتل من فيه من كثرة إرجافهم عليه، فمنعه عميد الملك وقال: هذا يُفضي إلى خراب البلد واندراسه.
ولمَّا سار إبراهيم يَنَال من بغداد إلى واسط أجفل بين يديه أهل تلك البلاد، وكان قد مضى إلى أزبك آل بن موسك، وعاد وهو مريض والعسكر مرضى من الوباء وجماعة المقدَّمين، فأُنزلوا في سفينة إلى بغداد، فلمَّا وصلوا إليها ماتوا، ولحق عميد الملك على خُمارتاش حزنٌ عظيمٌ، وقعد على التراب، وامتنع من الطعام والشراب، وكان يحبُّه ويعتمد عليه، ثم نقله في تابوت إلى خراسان.
وفي يوم الاثنين مستهل رجب برز السلطان خيمة نحو الموصل، فخرج إليه رئيس الرؤساء، وحمل معه خِلْعةً من خِلَع الخليفة وفرسًا، وقال: قد رسم أنَّ السلطان يسير يوم الأربعاء عاشر الشهر، فإنه اختبر من طريق النجوم، وكان الخليفةُ قد أشار على السلطان أن لا يخرج بنفسه وقال: أصحابي محصورون بالموصل، وقد قلَّ زادُهم، والبساسيريُّ قريبٌ منهم، وكنتُ قد قلت في أول الأمر: إنني أخرجُ، فمُنِعتُ، فجرى