الضرر، فأحضره رئيسُ الرؤساء، واستحلفه على الطاعة للخليفة والسلطان وعميد الملك، وأخرج له من حضرة الخليفة دست ثياب تشريفًا له وتطييبًا لقلبه، فخرج من دار رئيس الرؤساء وقت العتمة، فسار متبعًا لعمر من غير التفات إلى ما حلف عليه في الديوان، ودخل عميد العراق إلى بغداد لمَّا مضى السلطان إلى الجبل واختلَّت الأمور عليه، وكان مقيمًا بواسط لجباية الأموال، فأصعد إلى بغداد، ودخلها في شوال.
وفي ليلة السبت ثامن شوال نقب جامع المنصور، وأخذ منه المطرز الذي ينصب عليه المنبر والستر والسجادة وثياب المكبرين.
وفي ليلة الثلاثاء ثامن عشره كانت بين المغرب والعشاء زلزلةٌ عظيمةٌ، ولحق الناس منها خيفةٌ شديدة، ووصلت الأخبار بأنها اتصلت من هَمَذان إلى بغداد وواسط وسَقي الفرات وعانة وتكريت، وكان ببغداد رَحًى تدور فبطلت، وبعد هذه الزلزلة بشهر أخرج القائم من داره وجرى ما جرى، ولمَّا خرج ابنانجيل وعمر اتبعهما جميع من كان ببغداد من التركمان والأتراك، ولم يرضَ أحد منهم بتأمير أنوشروان عليه، وقد كان عميد الملك خاطب الخليفة على أنوشروان وإظهاره في الملك، فقال الخليفة: هذا أمرٌ ينبغي [أن] يُستر، فقد تحدَّث الناس (١) بوفاة ركن الدين، فإن فعلنا ذلك صحَّ ما أرجفوا به، وطمع فينا العدو، والمصلحة الآن تدبير العساكر؛ لئلا يخلو البلد منهم، وهذا الأمر لا يفوت. وبعث رئيس الرؤساء إلى أبي الأغر دُبيس يستحِثُّه في القدوم إلى بغداد خوفًا من البساسيري، فقدم يوم الاثنين ثاني ذي القعدة في مئة فارس، فنزل النجميَّ مقابل دار الخليفة، واستأذن في ضرب الطبل على باب خيمته في أوقات الصلاة، فأذن له في بعضها، فلمَّا كان يوم الأربعاء إذا بعميد الملك وأنوشروان قد عبرا دجلة وهجما على دُبيس الخيمة في مئة غلام، فاستشعر وظنَّ السوء، فخرج إليهما وعرَّفاه أنهما هربا من خاتون، وأنها أرادت القبض عليهما، فضرب لهما خيمةً وأنزلهما فيها. وقيل: إن خاتون كانت على اللحاق بالسلطان خوفًا من أن ينحدر البساسيري إلى بغداد، وأيضًا فبلغها أن السلطان قد دخل ببنت الملك أبي كاليجار بن بويه، وأنه قد مال إليها، وخافت أيضًا أن يعلم السلطان بما عزم عليه أنوشروان وعميد