للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدوى ولا طِيرة ولا هامة ولا صفر" (١)]. ولمَّا تحقَّق أبو الأغر دُبيس وصولَ البساسيري قال لرئيس الرؤساء: مَنْ بقي من ها هنا من هؤلاء العجم يدافع، والرأي عندي خروجي وخروجك عن البلد وانحداركما ومَنْ يتعلَّق بكما في دجلة إلى البلاد السفلية، بحيث تأمنا عدوَّكما، ويجتمع هزارسب معي في خدمتكما، ويجتمع إليكما مَنْ نقوى به. فوافق على هذا الرأي، وخاطب الخليفةَ مراتٍ، فأجابه إليه، ثم صعب عليه مفارقةُ داره وماله، وسمع من والدته ما قوَّى قلبه وعزمه في المقام، فاجتهد به رئيس الرؤساء في الانحدار، فأبى، فقال دُبيس: قد محَّصتُ الرأي، وأنا أتقدم إلى ديالى، فإن قبلتُم انحدرتُ في خدمتكم، وإن تكن الأخرى فالله يقيكم ويدافع عنكم وانصرف إلى ديالى، وأقام متوقعًا خروج الخليفة، ولم يُقبل، وانحدر معه قوم من الحواشي، وخاف الغُزُّ من غدره فتوقَّفوا، وأقام الخليفة على كُرْهٍ وضرورةٍ لا عن رأي وإرادة، وجمع إليه من بقي، وأمر بإصعاد العجم من السفن التي كانوا يبحرون فيها، وخرج عميد العراق أبو نصر أحمد المستوفي لينحدر، فخرج الخليفة بنفسه إليه فردَّه، واجتمع مع الخليفة نحو مئة فارس وألف راجل، وأمر أهلَ الجانب الغربي أن يعبروا إلى الجانب الشرقي، وأمر الزُّهيري وابن اليدن الحنان وابن المُذْهِب -وهم رؤوس الفتن- أن يعبروا إلى الجانب الشرقي إلى الحريم، ومضى رئيس الرؤساء وعميد العراق إلى دار المملكة، وأخذ من الساج الذي فيها ما صلح، وضربا الباقي بالنار، واحترق بيتٌ كبير يقال له: السُّبُكْتِكيني، بناه سُبُكْتِكين حاجب مُعِزِّ الدولة، كان فيه السلاح، ولمَّا بنى عضد الدولة دار المملكة وغيرها لم يتعرَّض لهذا البيت، وقال: هذا فخر بني بويه، يشاهده الناس في دار المملكة. ودخل يوم الجمعة سابع ذي القعدة أو سادس عشره غلمان من البغدادية الذين مع البساسيري إلى بغداد إلى الجانب الغربي، واجتازوا بالكَرْخ، فوثب إليهم أهل الكَرْخ، وخلفوا دوابهم، ودَعَوا لهم وللبساسيري ولصاحب مصر، وسبوا رئيس الرؤساء، وكان أبو طالب كامرو بن الملك أبي كاليجار محبوسًا في دارٍ في الجانب الغربي، فأخرجوه وشدُّوا له علمًا أحمر، وأقاموه بإزاء دار المملكة، وبعثوا إلى البساسيري يخبرونه بدخولهم بغداد وما فعلوا،


(١) أخرجه البخاري (٥٧٠٧)، ومسلم (٢٢٢٠) من حديث أبي هريرة .