للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رآهم أصحابُه ينهبون شرعوا في النهب، فبقي في عسكر قليل، وحمل أصحاب عميد العراق إليه، وقتلوا أحدَ مماليكه، فانصرف وقد غاظه ما جرى، ونادى في أصحابه: من نهبَ حلَّ دمه، وباكر القتال من غدٍ عند الحلية، وكان عميد العراق واقفًا بباب أبْرَز في أصحابه وهو مستظهرٌ عليهم، ولو قبل رئيس الرؤساء رأيه لطال الأمرُ، ولكنه عدل إلى رأي نفسه، وجاء إلى باب الحلية فشجَّعه القاضي أبو الفضل الهَمَذاني، وقال: افتَحْ لي الباب لأخرُجَ إلى هذا الكلب وآخذ به برقبته، ولم يكن رئيس الرؤساء يقيم الحرب، ولا له به خبرة، ففتح الباب، فخرج أبو الفضل فيمَنْ يخلف عن عميد العراق من العجم، ومعه الخدم والخواصُّ والهاشميون والعوام إلى الحلية، وانتشروا فيها، وعميد العراق في باب أبْرَز، ووقف رئيس الرؤساء بالباب يُفرِّق النُّشَّاب، فاستجرَّهم البساسيري إلى آخر الحلية، ثم أكَبَّ عليهم فانهزموا، وقُتِلَ من الخدم والخواصِّ جماعةٌ، وكذا من الهاشميين، منهم: أبو علي بن أبي تمام نقيب الهاشميين، وجماعةٌ كبيرة، واستأمن بعضُهم، وازدحم في باب الحلية خلقٌ فمات منهم جماعةٌ، منهم القاضي أبو الفضل الهَمَذاني وجماعةٌ من العوام حتى امتلأ العقد بهم، وصَعِد الناس على القتلى، وازدحموا فوقهم، وهرب رئيس الرؤساء إلى دار الخلافة، ورجع البساسيري إلى معسكره، وعبر العوام وغيرهم من دار الخلافة إلى الجانب الغربي، وأخذوا نساءهم وأموالهم، ونهبوا حريمَ الخلافة، وخرج رئيس الرؤساء إلى باب النُّوبي، واستدعى عميدَ العراق وقال له: احفَظْ باب العامة، وكُنْ على سور دار الخلافة. ودخل إلى القائم وقد أطاف بالقائم خدَمُه وخواصُّه، فقال له: ما الرأيُ يا علي؟ فقال: تحفظ الدار، ويكون القتال على السور، ونسألُ الله حُسنَ المقدور. فقال له بعض الهاشميين: يا رئيس الرؤساء، قامرتَ في الدولة العباسية فقمرتَها، وبينا هم على ذلك إذ سمعوا صراخًا في الدار، فقال: انظروا ما هذا؟ قالوا: العوامُّ والعسكر دخلوا الدار، ونهبوا ديوان الخاص، ودواب الخدم والخواص، وأشاروا على الخليفة بالركوب ليشاهده الناس، فإمَّا يرجعوا، وإمَّا استُذِمَّ قريشٌ، فركب وعليه السواد، وعلى كتفه البردة، وبيده سيفٌ مُجرَّد، وعلى رأسه اللواء (١)، والهاشميون حولَه


(١) في (ف): اللؤلؤ.