للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إما صلحًا وإما حربًا، وعاد البساسيري إلى المدائن، وأقام ينتظر الغلمان، وأنفذ مَن ابتدأ بنقض تاج [قصر] الخليفة، فنقضت شرافاته، فقيل له: هذا ممَّا لا معنى له، والقباحة فيه أكثر من الفائدة. فأمسَكَ عنه، وجاءته كتب الوزير ابن المغربي، وكان كاتَبَ صاحبَ مصر أبي نصر بن أبي عمران بصفات (١) ما تأثَّل له من الحرمات بهذا الفتح، ولم يكتب إليه صاحب [مصر] (٢) جوابًا.

وفي يوم السبت سلخ ربيع الأول عاد البساسيري إلى بغداد، وتلقى ابنَه الواصلَ من الرَّحبة في ثاني ربيع الآخر، وقَدِم صُحْبتَه يارَخْتِكِين الحاجب المأسور بالموصل مُقيَّدًا في عَمّارية، وضُرِبَتِ القبابُ بالجانب الغربي لابن البساسيري، وطيَّبَ ابنُه قلوبَ الناس ومحالَّ أهل السنة، وحمل الناس على شرع واحد. وفي هذا اليوم وصل غلام ليارَخْتِكِين يخبره بحصول حرم البساسيري بشَهرزُور عند بدر بن المهلهل، وذكر أن السلطان ظفر بإبراهيم ينَّال ومحمد وأحمد ولدي أرباش أخوي إبراهيم ينّال وقتلهما، وخَنَقَ إبراهيمَ بوتر قوسه، وقَتل ألوفًا من التركمان، وهربوا، وجاء السلطان بعد أن كسرَ إبراهيمَ والتركمانَ إلى الري، واجتمع بخاتون.

قال محمَّد بن الصابئ: لما انهزم إبراهيم عن هَمَذان كاتبَ إخوته محمدًا وأحمدَ، واستعان بهما، فسار إليه في نحو ثلاثين ألفًا، ونزل بقزوين وبينها وبين الري عشرون فرسخًا، وخرج السلطان من الريِّ إليه وواقعه، فظهر عليه إبراهيم، فعاد إلى الريِّ، فاستولى إبراهيم، وقوي، فورد على السلطان الأمراءُ قاروت بك صاحب كرمان وياقوتي وألب أرسلان أولاد أخيه داود، وقوي بهما، فخرج إلى إبراهيم، فانهزم إبراهيم من بين يديه، وقُتِلَ من أصحابه مقتلةٌ كبيرةٌ، وأُسِرَ إبراهيمُ فانهزم، وأُسِرَ أحمد (٣) ومحمد أخواه، وحُملوا إلى السلطان، فأمر بقتلهم، فسُئِلَ فيهم، فتوقَّف وفي قلبه النار ممَّا تمَّ على الخليفة وهم ينصّون أن إبراهيم فعل ذلك، ثمَّ أحضرَ إبراهيمَ بين يديه وخنقَه بوتر قوسه، وقتل أخويه محمدًا وأحمد، وبعث إلى هزارسب بقَباء


(١) في الأصلين (خ) و (ف): أبي نصر بن أبي عمرو بن بصفان.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق، والخبر ذُكر مختصرًا في المنتظم ١٦/ ٤٥.
(٣) جاء في الأصلين (خ) و (ف): إبراهيم، وهو سبق قلم من أحد النُّسَّاخ.