للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيم؛ ليتحقَّق الحال، وكان هزارسب مقيمًا بالأهواز، وعنده الكُنْدُري عميد الملك، فأخذ منه دنانيرَ وثيابًا وخيلًا، وسار نحو السلطان على أصبهان.

وفي ربيع الآخر انحدر البساسيري إلى واسط متيممًا غَزْنة في أمر هزارسب، بعد أن أنفذ أنوشْتِكين أحدَ حُجّابه إلى قريش يشير عليه بأن يُنفِذَ أرسلان خاتون إلى السلطان، وكان السلطان قد أرسل قريشًا يلتمسها، ويخلط بذاك ذكر الخليفة، ورَدِّهِ إلى مكانه، ويكون البساسيري وأصحاب الأطراف على عادتهم بالعراق بعد أن ينقشوا السّكَّة باسم السلطان، وبعث لها البساسيري ثلاثَ مئة دينار تنفقها في سفرها، فردَّتها على الحاجب استقلالًا لها، وقالت: هذه نفقة يوم، وقد وهبتُها لك. وشرع قريش في تجهيزها، وهيَّأ لها عَمّاريةً، وجلَّلها بالديباج، وبعث لها دنانير وثيابًا وخيلًا وبغالًا، ولم يبْقَ إلا مسيرُها، وكان عميد الملك قد كتب إلى السلطان يقول: ما كان سبب ما جرى ببغداد إلا من ابنابجيل وعمر، فإنهما فسخا التدبير، وفلّا المجموع، فخافا من السلطان، واستوحشا منه، وتحصنا بقلعتين.

وفي جمادى الأولى عاد أنوشْتِكين الحاجب من الموصل، وذُكِرَ أنه ورد إلى قريش خادمٌ من جهة السلطان يقال له: زيرك، ومعه ثيابٌ، ومالُ أرسلان خاتون، وكتابٌ إلى قريش يتضمَّن شُكره على ما فعله، من استصحاب خاتون، والإرهاب فيما يتعلَّق بالخليفة، والإشارة إلى إعادته إلى داره وإعادة الخطبة والدعوة له، وأن يكون للبساسيري على باب الخليفة، ويقيم السلطان في بلده إلى حين ما يرى من مسيره إلى العراق، وكتب قريش في الجواب: إنني العبد الخادم، وما جرى كان عن قضاء الله ﷿ وقَدَرِه، وفِعْلِ ابنِ المُسلمة -ذلك الغالط- وقلَّةِ تدبيره، وقد جرى على البلاد ما أخربَها ودرسَها، وليس ها هنا ما نُثابر عليه، وتطمح العينُ إليه، ومتى وقع تسرع في المسير إلى العراق، فلستُ آمَنُ أن يتِمَّ على الخليفة أمرٌ يفوت، وسببٌ يسوء، ولسنا بحيث نقِفُ لكَ ولا نُحاربُكَ، بل نَبعُدُ عنكَ، وأمَّا هذا الرجل -يعني البساسيري- فأنا أتوصَّل إلى كلِّ ما يُراد منه، والسلام.

وراسل قريشٌ البساسيريَّ مع أنوشْتِكِين، وقال له: إن السلطان قد التمس كذا وكذا، فإيّاك والمخالفَةَ، ونحن قد خدمنا سلطانًا بيننا وبينه ستُّ مئة فرسخ، وفعلنا معه