للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قتادة: كانت تنزل متى ما أرادوا كالمنِّ والسلوى.

وقال سلمان: لمَّا خانوا مُسِخ منهم في يومٍ وليلةٍ ثلاث مئة وثلاثون رجلًا باتوا على فُرُشِهِم مع نسائهم، فأصبحوا خنازيرَ يسعون في الطُّرقات ويأكلون العَذِرَات، فمرَّ بهم عيسى فبكوا بين يديه فرقَّ لهم، وسأل الله فيهم، فقال الله تعالى: إنَّي آليت على نفسي أنَّ من كفر بعد إنزالها أنْ أُعذِّبَه عذابًا لا أُعذِّبُه أحدًا من العالمين.

وقال عمَّار بن ياسر: لما خصَّ بها الفقراءَ والمساكين تكلَّم الأغنياء بالقبيح وارتابوا (١) فمُسِخُوا.

ومنها: حديث اللِّص، قال أبو نعيم بإسناده عن وهيب بن الورد قال: بلغنا أنَّ عيسى مَرَّ بلصٍّ في قلعة ومعه رجل من الحَوارِيِّين، فلمَّا رآهما اللِّص ألقى الله في قلبه التوبة، فقال في نفسه: هذا عيسى روح الله وكلمته، وهذا حواريه، ومَن أنت يا شقي يا لصَّ بني إسرائيل، قطعتَ الطريقَ وقتلتَ النفسَ، وأخذتَ المالَ، ثم هبطَ مِن قلعته نادمًا تائبًا على ما كان منه، فلمَّا لحقهما قال لنفسه: تريد أنْ تمشي معهما؟ لست أهلًا لذلك، امشِ خلفهما كما يمشي الخاطئ المذنب، فالتفت إليه الحواريُّ فعرفه، فقال في نفسه: انظروا إلى هذا الخبيثِ الشَّقِيِّ ومشيه وراءنا، فاطَّلع الله على ما في قلوبهما من توبة اللِّص وندامته وازدراء الحواريِّ به وتفضيله نفسه عليه، فأوحى الله تعالى إلى عيسى أن مُر الحواريَّ ولصَّ بني إسرائيل أن يستأنفا العمل، أمَّا اللِّصُّ فقد غفرتُ له ما مضى بندامته وتوبته، وأمَّا الحواريُّ فقد أَحبطتُ عمله لعجبه بنفسه وازدرائه لهذا التائب (٢).

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦]. واختلفوا في وقت هذا القول على قولين:

أحدهما: أنَّه قال له ذلك عند رفعه إليه، قاله السُّدي وقُطْرب، قالا: لأنَّ إذ للماضي.


(١) بعدها في (خ) زيادة كلمة وهي (الورد).
(٢) "حلية الأولياء" ٨/ ١٤٧.