للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رجب وُقِفَتْ دارُ الكتب، فسارع ابنُ أبي عوف من غربي بغداد ونقل إليها ألف كتاب، وذلك لأنَّ الدار التي وقفها سابور الوزير -بين السُّورَين في الكَرْخ، سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة- احترقَتْ لمّا دخل طُغْرُلْبَك بغداد، وتمزَّقت الكتب، ونُهِبَ الباقي، وحُمِلَ [أكثرها إلى خراسان، ودَرَس العلم، والمكان الذي كانت فيه] (١) من حساب الكَرْخ ورواصعه (٢).

وفي رجب ملَكَ محمود بن شبل الدولة بن الزَّوقلية ومنيعٌ ابنُ عمه حلبَ والقلعة، وأخرجا منها أبا علي بن ملهم النائب من قِبَل مصر، بعد أن أذمّا له، وسببُه: لمّا حصل عطية بن الزَّوقلية بالرحبة، ورأى أهلها قد أنفذوا إلى بغداد بالطاعة، وأقاموا الخطبة والسلطان، خاف من سرية من العساكر السلطانية، فأحدر صاحبًا له إلى بغداد في الطاعة والخدمة، فطلب من الخليفة خِلَعًا ولقبًا ليخطب له، وعرف أبو علي بن ملهم بذلك، فكتب إلى مصر، فانزعجوا وعملوا على من يقصد الرحبة ويُخرِجُ منها عطية، وكاتبوا إلى الرحبة، وأنفذوا جلال الدولة -مُقدَّم كتابه- والقاضي العلوي الزيدي -قاضي دمشق- إلى حلب شدًا من ابن ملهم، وعرفت بنو كلاب بمسير بني كلب إلى أرضهم، فخافوا وقصدوا ابن ملهم وجلال الدولة والقاضي، وقالوا: قد بلَغَنا مجيءُ بني كلاب إلى ها هنا لأجل عطية والرحبة، ونحن نعطيكم رهائن، ونكفيكم أمرَ عطية الرحبة، من غير أن تطأ بنو كلاب ديارنا، ومتى فعلتم ذلك أخرجتمونا إلى العصيان. فقالوا: هذا أمر جاء من مصر، ليس لنا فيه رأيٌ. فأيسوا منهم، وكتبوا إلى عطية بما جرى، واستدعوه ليؤمروه ويدفعوا بني كلب، فأصعد من الرحبة إليهم، واستحلفهم وتوثَّق منهم، واتفق أن خاتون يئست وقطعت من بني عقيل وبني سنان، وخَفاجةُ كانوا نازلين علي بني كلاب، فساروا بأجمعهم مع عطية إلى حمص وحماة، فأخذوهما وهما من أعمال بني كلب، وأخربوا سور حمص، ونهبوا الغلّات، وجاء أبو تغلب بن حمدان في جماعةٍ من أصحابه وبني كلب إلى فامية، ووصلتِ الكتب إلى عطية من


(١) ما بين حاصرتين من (ف).
(٢) ينظر المنتظم ١٦/ ٦١ - ٦٢.