للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر باستعطافه، فرجع عن ذلك، وانصلحت نيّتُه، وقد كانت علوية بنت وثاب أم محمود بن شبل الدولة -عند هذا الاختلاط- قد أفسدت جماعةً من أحداث حلب واستمالتْهم، وكتبت إلى محمود ولدها ومنيع ابن عمه -وكانا بالقرب من البلد- فقَرُبا، وفتح الأحداثُ الأبوابَ لهما، ونادَوا بشعارهما، فدخلا في جماعة من بني كلاب، وظفروا بجلال الدولة الكناني والعلوي القاضي قبل أن يصعدوا إلى القلعة، وقتلوا جماعةً من المغاربة والمصريين، وصعد قومٌ من الغلمان البغدادية إلى القلعة، وحصلوا مع المغاربة ومع أبي علي بن ملهم، وصارت الحربُ بينهم، ووثق محمود ومنيع بمن معهما من الأحداث واطَّرحا بني كلاب ولم يوصلا إليهم ما كان وعداهم به، فانحرفوا وقصدوا أبا تَغْلِب بن حمدان، وحصلوا معه، وثقُلَ على عطية تملُّكَها البلد، فانصلح لصاحب مصر، وحلف له، فسار أبو تَغْلِب بن حمدان حينئذ إلى حلب، وعرف محمودٌ ووالدتُه ومنيعٌ ذلك، فلم يقدروا على ذلك، فخرجوا ومعهم الكناني والقاضي مقيَّدَين، ونزل ابن ملهم من القلعة، وفتح الباب لأبي تَغْلِب، فدخل فقتل الأحداث وصلبهم، وأحرق أكثر البلد، وجاء عطية إلى أبي تَغْلِب فقيَّده بقيد من ذهب كان حُمِلَ معه من مصر، ثم فكَّ عنه، وأُفيضت عليه الخِلَعُ، وأُعطي مالًا كان ضُمِنَ له، وعزم أبو تَغْلِب على الخروج إلى بني كلاب الذين نزل عليهم محمودٌ ومنيع، فأُشير عليه أن لا يفعل، فلم يقبَلْ، وانعزل عطية عنهم بأهله، ومعه قطعةٌ من الغلمان البغدادية والنفيس (١) بن البساسيري الأصغر، وقد كان سلم من الحرب التي قُتِلَ أبوه فيها، ولمّا أصعد إلى حلب أكثر ابنُ حمدان القتل والنهب، وقرَّر عليهم مئتي ألف دينار التي أنفقها على العساكر المجردة، فرضُوا بذلك، ثم سار في عشرة آلاف من المغاربة والكلبيين وخفاجة وبني عقيل وبني شيبان إلى بني كلاب ليثبتهم، فثبتوا له، وقاتلوه يومهم، فلمّا كان من الغد نُصروا عليه، فهزموه وأسروه وأخاه، ووقع القتلُ في أصحابه بقيةَ يومه وليلتهم، فكان القتلى من المغاربةِ وغيرِهم سبعةَ آلاف رجل وخمس مئة، وقُتِلَ نبهان القرمطي أمير بني كلب، وأفلتَ ابنُ البساسيري، وأُخِذَ منه جميعُ ما كان معه من مال أبيه، ورجع محمودٌ ومنيعٌ وعلوية إلى حلب، وأمنوا ابنَ ملهم، وحلفوا له، فنزل


(١) لم يتبين لي اسمه، ولكن هكذا جاء رسمه في الأصلين (خ) و (ف).