للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطَّك بذلك لنقف عليه، فنتحقَّق خدمتك، ونختصَّ مجازاتك، وأكون أنا على بينةٍ من أمري. فلم يقدم على ذلك، وقال: الذي وردَتْ فيه ما تضمَّنَته التذكرة إن لم تقع الإجابة إلى الإعفاء من هذا الأمر الذي لم تَجْرِ به عادة. وكتب خطَّه بهذا، فثَقُل على عميد الملك ما فعله، وقد كان وقع تقصيرٌ في تفقُّده والجماعةَ الذين في صُحبته، وسببُه عميدُ الملك؛ بأن كان متغيِّظًا على الخليفة، وعَلِم أنه لا شيء في يده منه، وأنه لم يتمَّ مُرادُه حيث لم يكتب [خطَّه] (١) ليجعله حجة على الخليفة، وخاف في إتمام العزم في المضيّ إلى بغداد، فيكون بصورة عاجز، ولم يتمَّ الأمر على يده، فدافع بالمسير، وأمره السلطان فقال: قد كتبتُ إلى هزارسب حتى يحضر مئة ألف دينار، ولا يُخرج من الخزانة شيئًا [وإنّا على انتظاره. فقال له السلطان: لا تفعَلْ، وخذ من الخزانة]، فإنا يقبُح بِنا أن لا يكون في خزانتنا ما نصرفه في هذا الأمر. فلمّا بطل ذلك وضع الأمراء والحُجّاب الذين أمرهم بالمسير إلى بغداد، فراسل السلطان وقال: هوذا يُنفِذُنا إلى الخليفة في هذه الوصلة، فما الثقة بأنّه يفعلها ويُسلّم ابنته إلينا، وربما لم يفعل فَعُدْنا وما قضينا حاجتَه، وصار من ذلك قباحةً وسُبَّةً. فقال: إنْ فعلَ فذاك، وإن لم يفعل فعودوا. وقد كان قال في أثناء ذلك: يجب أن تضرب عن هذا الأمر صفحًا، فإنما أردنا أن نعلم رأيَ الخليفة فينا، وموضِعَنا عنده، وتُقدِّمَ بتسريح الرسل. ثم عدل عن ذلك، ورجع فتمَّم العزم الأوّل، وأطلق للرسل ما لم يكن على قدر أملهم، ولا افتقدهم ولا رآهم إلا يومًا واحدًا وهو الأول، وأما قريش فذكره عند الملك بالقبيح، ونسبه إلى الغدر الصريح، ونهبِ دار الخلافة، ولا بُدَّ من مقابلته على فعلِه وطردِه عن أعماله، ثم جاءه خبرُ وفاته في أثناء ذلك، وأما ابنُ وثّاب فأجابه إلى ما التمسه، وسار عميد الملك والأمراء والحُجّاب وأرسلان خاتون والقضاة والشهود فوصلوا بغداد يوم الخميس، وخرج أمين الدولة ابن دارست إلى النهروان، والتقى عميدَ الملك وخدَمَه، وجاء عميد الملك فجلس على باب الري إلى أن جاءت خاتون، ودخل معها دارها، وانصرف إلى دار المملكة، فنزل بها، ولم يَعْلَم بالديوان، وأنفذ من وقته إلى العميد أبي الفتح وهو بدار


(١) ما بين حاصرتين هنا وفي الموضع الآتي من (ف).