للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خدمَتِه بما يبقى له فخرُه وجمالُه على الأعقاب، ويتخلَّد ذِكرُه مع الدهر والزمان، ورغب في الخدمة بتجميله بعقد على كريمتها، وعلم أن موضعه يقتضي كل إيجاب، وتردَّدت في ذلك أقوالٌ اختلفت، وبُذِلَ في مقابلة ذلك من الأموال والإقطاعات ما اشتمل مبلَغُه على ألف ألف دينار سوى الأواني المُرصَّعة، والمهد المُرصَّع، والمراكب المُرصَّعة بالجواهر الثمينة، وأُعيد جميعُه، ثم انساقتِ الحالُ إلى أن عقد العقد اسمًا من غير أن يكون اجتماع على أربع مئة درهم ودينار، ثم يساق الشرح على ما جرى منه، ونسأل الله التوفيق في جميع الأمور.

قال ابن الصابئ: وأوقفني أبو منصور بن يوسف على المشروح، فكان مضمونه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لمَّا نزل العسكر بظاهر توريز اختير لإنجاز الأمر الرشيد الوقت المبارك السعيد، وهو بعد العصر من يوم الخميس ثالث عشر شعبان، ومُدَّ سِماطٌ عظيمٌ، واستدعيتُ عميدَ الملك جالسٌ (١) على باب السرادق السلطاني، وأكثر السِّماط تماثيلُ السُّكَّر، ومقدار ما يجوز منه نُشَّابه، فلمَّا رأى عميد الملك نهض وأظهر من إجلال الخدمة الشريفة ما يتجاوز الوصف، وأخذ بيدي وأجلسني في صدر السِّماط، والملوك والأمراء وُقوفٌ في الخدمة، والفيلةُ من جانِبَي السماط يحفظونه من النَّهب، ثم نُهِبَ بعد ذلك، وأُدخِلتُ أنا ومن معي على السلطان وهو جالسٌ على سرير، وعليه ما شَرُفَ به فَرَجيةٌ طَميم، وعِمامةٌ، وقَباءٌ تحت الفَرَجية، والأمراء والملوك حول السرير على مراتبهم، فجلستُ بعدما سلَّمتُ على السلطان، فأدناني عميدُ الملك ورحَّبَ بي، ثم قمتُ قائمًا، وأخرجتُ كتاب الوكالة، وقام الجماعة بين يدي السرير وقرأتُها، فلمَّا بلغتُ إلى ذِكْرِ ما خرجَتْ به المراسيمُ العاليةُ سجدتُ وسجد الحاضرون وعميدُ الملك والسلطان، فلمَّا جرى ذِكْرُ المهر وأنه أربع مئة درهم ودينار ارتفعت الأصوات بالدعاء للخليفة، واستعظموا ذلك، وقام إنسان يُقال له: مسعود الخراساني، فخطب، ونثر عميدُ الملك بين يدي السرير عدَّة كفوف لؤلؤ ودنانير، وزنُ كلِّ دينار عشرة مثا قيل، ونثروا على باب السُّرادق الدراهم [والدنانير، وأدَّينا الرسالة، فشكر ودعا، ونهضنا، وكانوا قد قدَّموا بين يدي التتار جاما خسروانيًّا مُغطًّى، فلم أمدَّ


(١) هكذا في النسخ، والمعنى: وهو جالس.