للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر السبب:

كان مواصلًا للسلطان بالمكاتبة يطلب الحضور إلى بابه، فأذِنَ له، فلمَّا مضى حمل ما كان استصحبه من المال والخيل والثياب، فوقعت خدمتُه أحسن موقع، وتصوَّر السلطان فيه أنه كان السبب في انقياد الخليفة إلى الوصلة بما فعله من التضييق عليه وعلى أصحابه، واتَّفق أن الخليفة بعث مع ابن المحلبان يشكو منه ويبالغ، وقد كان ابن المحلبان حمَّله من أذاه في ضياعه وأوحشه، فلم ينفعه ذلك مع السلطان لِما وقر في نفسه، ولعناية عميد الملك به، وميله إليه لأجل ما كان من الشكاوى التي نفعته عنده، وجمَّلته في عين سلطانه، وخوطب في العود إلى بغداد فامتنع، وسأل الإعفاء منها، وشكا من خرابها وخراب سوادها ما أوضحه، فقيل: لابُدَّ من عودك إليها لترتب إقامة السلطان بها مدَّة مقامه فإنه قاصد إليها، فإذا خرج منها فاخرُجْ معه، وأصحِبْه حاجب السلطان -واسمه رسول- ومعه للخليفة ثلاثون غلامًا من الترك، وثلاثون جاريةً على الخيول، وخادمان، وفرس بمركب ذهب مُرصَّع بالجوهر الثمين، وعشرة آلاف دينار، وعشرة آلاف أخرى لكريمته، وتوقيع بإقطاعات وجميع ما كان لخاتون المتوفَّاة من الإقطاع بالعراق، وعِقدُ جوهر فيه نيِّفٌ وثلاثون حبةً، في كل حبَّةٍ وزن مثقال، وثلاثة آلاف دينار لوالدتها، وخمسة آلاف دينار لِعِدة الدين، وخرج الناس على طبقاتهم لتلقِّي رئيس العراقيين، ولمَّا وصل إلى باب النُّوبي نزل وقبَّل الأرض، ومضى فنزل في خيمة تحت دار المملكة، ولم يدخل الديوان، وركب بعد ثلاثة أيام مع رسول إلى دار الخلافة إلى باب خاتون، وسلَّم إليها ما كان معه لتسلِّمه إلى الخليفة.

وقال أبو الفضل نعمة الله بن أحمد خطيب تيزين: كان السلطان مُجِدًّا في التوجُّه إلى بغداد على طريق ميَّافارقين ليقَرر أمر أولاد مروان في بلادهم بعد وفاة أبيهم، وكذا أمر مسلم بن قريش، ويطالبهم بالأموال التي خلَّفها أبوهم، فاتَّفق أنه طالب أهل خُويٍّ بعشرة آلاف دينار، فقالوا: نحن قوم مجاهدون، ويجب عليك معونتنا بالمال والسلاح، وبذلوا له أربعة آلاف دينار، فأنفذ إليهم سريَّةً فقاتلوهم، فظاهر أهل خُويٍّ عليهم، فراسل السلطان رئيس البلد يوسف بن مكين بهزارسب وسارتكين الخادم الخاص فلم يمكنهما من الدخول، فرجعا، ونشبت الحرب في رمضان وبعض شوال