للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان فضلويه في عشرين ألفًا من الديلم وغيرهم، وكان قاروت بك في أربعة آلاف تركي، وكان الديلم قد حلفوا لقاروت بك وغدروا به، فأسر منهم جماعةً، وسأل القضاةَ والفقهاءَ، وقال: هؤلاء حلفوا لي وغدروا وقصدوا قتلي. فأفتَوه بقتلهم، فضرب رقابهم على نهر يسمى العمري، فكانت دماؤهم فيه مثل الماء تجري. ويقال: كانوا سبع مئة رجل، ونظف البلاد من الديلم، ومضى فضلويه إلى فسا، ولمَّا بلغ الديلم ما فعل قاروت بك مالوا كلُّهم إلى فضلويه وأطاعوه، وكان قاروت بك عادلًا منصفًا جوادًا، وكان يخطب للخليفة، وبعده لعمِّه طُغْرُلْبَك، ثم لنفسه.

وفي جمادى الآخرة ورد الخبر بدخول نصر بن مروان آمد وملكه إيَّاها، مضافًا إليها ميَّافارقين.

ذكر السبب:

لمَّا مات سعيد أخو نصر مسمومًا أَقام أهلُ آمد ابنَه مكانَه، وكان صغيرًا، وقام بأمره أبو علي بن البغل القاضي، وخطب له، واستدنى أميرًا من الغُزِّ -كان بتلك الديار ومعه جماعة- إلى آمد، وتقوَّى بهم خوفًا من نصر، فراسل نصر زوجةَ أخيه والدةَ الصبي المتآمر، وأطمعها في تزويجه بها، وبذل لها مالًا، فأجابته، وتوافقا على القبض على القاضي، فدخل القاضي يومًا على ولدها على عادته، فقبضت عليه، ووثب أهلُ البلد إلى دار القاضي ونهبوها، وكان فيها شيء كثير للتجار في الأمصار وودائع، وبعثت إلى نصر، فجاء وقَرُب من آمد، وعلم بَرَّجان أميرُ الغُرِّ، فهرب، فوقع به قوم من بني تميم، فأسروه، وجاء نصر إلى باب الهُوَّة ففُتحت له، وحصل في القصر، وأحضر وجوه البلد وطيَّب قلوبهم، وقرَّر على القاضي نيِّفًا وثلاثين ألف دينار، واعتقله على أدائها، وجاء بنو تميم ببرجان، فابتاعه منهم، وبعث به إلى ماردين فأُرمي من أعلى سورها فهلك.

وفي جمادى الآخرة ورد كتاب من الشرق بأن عميد الملك برز من الريِّ إلى قلعة كَرْدُكْوه يحاصر قُتُلْمِش ابن عم السلطان، وهو الآن مقيمٌ بحيِّها في عشرة آلاف مقاتل غير الحشو والرجَّالة، والقلعة ممتنعة جدًّا، لا يمكن الوصول إليها إلا بنفاد الزاد والماء، وليس فيها عينٌ، وإنما يشربون من ماء المطر يجتمع في الصهاريج، فإن نفد سلَّموا، وإلَّا فلا سبيل عليها، وكان قد شرع في الصلح وأجاب إلى النزول، غير أنه اقترح اقتراحاتٍ، منها أن السلطان يحلف له بالطلاق على الحفظ والحراسة، وأن لا