للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُطالب بجريرة فعله، ومنها أن يتزوج بأخت الأمير سليمان، ومنها أن يُفرد بولاية جليلة، فقيل: أما التوثقة فمبذولة، لكن تشتمل على الأيمان المعهودة، وأما الولاية فيُجاب إليها، وأما التعيين على التزويج والحلف بالطلاق، فمن يتجاسر على السلطان بهذا؟ [فقال قُتُلْمِش: فإن لم تجسروا على السلطان بهذا] (١) فكيف أُسلِّم أنا نفسي إليكم بغير توثقة يطيب بها قلبي. فتوقف الأمرُ بهذا السبب، ووردت الأخبار بأنَّ ألب أرسلان بن داود كان يجدد الأراجيف بالسلطان، قد جمع عسكره وجنده ومقدار عسكره الذين في صحبته عشرون ألفًا وعشرة آلاف راجل، وسار طالبًا الري، فلمَّا تحقَّق عافيةَ السلطان ووصولَه إلى الري عاد إلى خراسان ولم يُحدِثْ حدَثًا، وكان قد سار في عساكر عظيمة، وهيبة جليلة، وعدل شامل.

وفي شعبان كانت بأنطاكية واللاذقية وطرابلس وصور وعكا والشام وطرف من الروم زلازلُ عظيمةٌ هدمت الحصون والأسوار.

وفيه نزل محمود بن شبل الدولة بن صالح على حلب، وحَصَرَ عَمَّهُ عطية بها، وقُتِلَ ليلة النصف من شعبان عليها مَنيعٌ بن [مُقلّد بن] (٢) كامل بحجر المنجنيق، ورحل محمود عنها ولم يظفر بطائل. وفي رمضان قُتل محمود بن محمود بن ثِمال الأخرم أميرُ بني خفاجة في سرداب -بمكان يُقال له: الجامعين- غيلةً، والذي قتله رجب بن مَنيع، كان أميرًا قبله، وسليمان ابن أخيه، وكان الأخرم مُطرحًا لأمر بني خفاجة، مُدِلًّا عليهم، مُعرِضًا عنهم، مُتهاونًا بهم، مانعًا لهم عن الغارات، مستقصيًا عليهم في الإقطاعات، فلمَّا أدركت الغلات في هذه السنة أنفذ إلى بغداد، فاستدعى نجدةً من العجم استوفى بهم مال السلطان المقرَّر عليهم عن سقي الفرات، فأنفذ إليه نحوًا من خمسين فارسًا، وسار بهم إلى الجامعين، وقرَّر على بني خالد عن نواحيهم نحو ألفي دينار، وأخذ رهائنهم على الوفاء بها، وفعل بالباقين كذلك، فاجتمعوا إلى رجب بن منيع، وقد كان محمود صالحه واستحلفه ومكَّنه من النزول معه والقُرب، فشكَوا إليه ما يُلاقون، ووافق ذلك


(١) ما بين حاصرتين من (ف).
(٢) ليس في النسخ وهو في زبدة الحلب في تاريخ حلب ١/ ٥٥.