للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، وتمادت الأيام بوصول رئيس العِراقَين، ثم ورد من أخبر أنه مقيم بهَمَذان، ولا رأيَ له في العراق.

وفي هذا الوقت وردت الكتب بأن السلطان ألب أرسلان دخل خلف الأكراد اللوذية، وكانوا يقطعون الطرق، فأوغل خلفهم في الجبال، فظفر بهم، وغنم العسكرُ أموالهم، وأقام بمكانه، وكتب إليه من بغداد بإقامة الخطبة، فسُرَّ سرورًا عظيمًا، وسجد شكرًا لله تعالى، وبعث العميدُ أبا الحسن علي بن عيسى، وأصحَبَه عشرة آلاف دينار ومئتي ثوب إبريسمية أنواعًا، وحوالةً على الناظر ببغداد بعشرة آلاف دينار أخرى وعشرة أفراس وعشر بغلات، ووصل العميد إلى بغداد تاسع جمادى الأولى، والتقاه عميد الدولة بن فخر الدولة بن جَهير، ووصل إلى باب النُّوبي، ونزل وقبَّل العتبة، ثم مضى إلى دار المملكة فنزل بها، وكان معه توقيعٌ لخاتون السفرية لألب أرسلان بما كان من الإقطاع لزوجة طُغْرُلْبَك التي صار إلى السيدة بنت الخليفة، فامتنع الخليفة من الإفراج عنها، وقال: في هذا غضاضة وقباحة، ولهذه في أموال ركن الدين الذي خلفها حقٌّ بحسب هذا القدر منه. فوقع الإمساك حينئذ عنها، وطلب القاضي النقش على السِّكَّة والخِلَع، فنقش اسم ألب أرسلان على السِّكَّة، وأمَّا الخِلَع فتوقَّف أمرُها، واحتجَّ بأن منها صناعاتٍ وآلاتٍ تحتاج إلى مدة طويلة، والخزائن خالية، فإن كان المراد التعجيل نفذنا فَرَجيَّةً وعمامةً ولواءً، وإن أردتم الخِلَعَ السلطانية فأقِمْ يا محمد بن عبد الرحمن -يعني القاضي- حتى تستوي وتُكمل، وهذا أمرٌ مردودٌ إليك، ثم استقرَّ الأمر على ما يُذكر إن شاء الله تعالى.

وكان ألب أرسلان قد سأل أن يكاتبه الخليفة بالولد المؤيَّد، فنقشوا على السِّكَّة كما يدعون في الخطبة، ومن جانبٍ اسمَ القائم، وما جرت به العادة، ولقَّب الخليفةُ إلياسَ بن ألب أرسلان الأميرَ، شهابَ الدولة، قطبَ الملة. وملك شاه طريدَه (١) جلال الدولة وجمال الملة.

وبِيعَ بواسط دارٌ بدرهم ودانقين ونصف، فاستزاد البائع [المشتريَ] قيراطًا ليتمَّ ذلك درهمًا ونصفًا، فلم يفعل، وسببه استيلاء (٢) الخراب عليها [واتصال ما يقتضي من قبيح الأسباب].


(١) يعني طريد أخيه إلياس، والطَّريد: الرجل يولد بعد أخيه، فالثاني طريد الأول. معجم متن اللغة ٣/ ٥٩٦.
(٢) في (م) و (م ١): اتصال.