للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بيعت دارٌ من نهر طابق ببغداد سنة ثمان وأربعين وأربع مئة بثلاثة (١) قراريط.

وفي ربيع الأول شاع ببغداد أنَّ قومًا من الأكراد خرجوا متصيِّدين، فرأوا في البرية خِيمًا سودًا سمعوا منها لطمًا شديدًا، وعويلًا كبيرًا، وقائلًا يقول: قد مات سيدوك ملك الجن، وأيُّ بلدٍ لم يُلْطَمْ عليه فيه، ويُقام المأتم، قُلِعَ من أصله، وأُهلِكَ أهلُه. فخرج النساء العواهر إلى قرب الحَلْبة وباب أبرز يلطِمْنَ ويُمزقْنَ ثيابهنَّ وينشرن شعورهنَّ، ويخمِشْنَ وجوههنَّ، وأقمْنَ ثلاثة أيام على ذلك، [واجتمع إليهنَّ العدد الكثير] (٢).

وقال القاضي ابن السماك أنه شاهد رجالًا قد شوَّشوا عمائمهم، وفتقوا جيوبهم لذلك، ثم وردت الأخبار بأن واسطًا وأعمالها وبلاد العراق جميعَها وخوزستان وغيرَها من البلاد على مثل ذلك، وتعدَّى إلى بغداد، وأصعد إلى الموصل وديار بكر وغيرها من الأقطار (٣).

ذِكْرُ إنفاذ الخلع إلى ألب أرسلان:

لمَّا وقع الفراغ من الخلع سأل العميد الخليفة الجلوسَ العامَّ والمشافهةَ بتقليد ألب أرسلان وتسليم الخلع إلى الرسول بمشهدٍ من الخاصِّ والعام، فجلس يوم الخميس في دار الخلافة في البيت المتصل بالتاج المشرف على دجلة، واستدعى الوزير والقاضي والعميد، وسلَّم إليهم الخلع والعهد على ما جرت به العادة، وشافههم بأنه قد فوَّض الأمور إلى عضد الدولة، وجهَّز معهم الكاملَ نقيبَ العباسيين وأبا محمد التميمي وموفق الخادم الخاص، وخرجوا بذلك، وكان في كتاب الخليفة بعد البسملة: من عبد الله أبي جعفر الإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين إلى الوليد المؤيد شاهنشاه الأعظم، ملك العرب والعجم، سيد ملوك الأمم، ضياء الدين، غياث المسلمين، ملك الإسلام، ظهر الإمام، كنف (٤) الأنام، عضد الدولة القاهرة، وتاج الملة الباهرة، ألب أرسلان، أبي شجاع، محمد بن داود بن ميكائيل، سلطان ديار


(١) في (م) و (م ١): بأربعة، والمثبت موافق لما في المنتظم ١٦/ ٨٧.
(٢) الخبر بمعناه في المنتظم ١٦/ ٨٧.
(٣) المثبت من (م) و (م ١)، وفي (ف): الأوطان، وفي (خ): الأبطال.
(٤) في (ف): كهف.